يزول ملك البائع عن المبيع فلا يجوز له التصرف فيها لأنها صارت مملوكة لغيره كما لا يملك البائع التصرف في المبيع، فإن تصرف فيها نظرنا فإن كان ذلك في حال بدا للمستأجر قبل تقضي المدة مثل أن يكتري دارا سنة فيسكنها شهرا ويتكرها فيسكنها المالك بقية السنة أو يؤجرها لغيره احتمل أن ينفسخ العقد فيما استوفاه المالك لأنه يتصرف فيه قبل قبض المكتري. له فأشبه ما لو تلف المكيل قبل تسليمه وسلم باقيه. فعلى هذا ان تصرف المالك في بعض المدة دون بعض انفسخ العقد في قدر ما تصرف فيه دون ما لم يتصرف فيه ويكون على المستأجر ما بقي، فإن سكن المستأجر شهرا وتركها شهرا وسكن المالك عشرة أشهر لزم المستأجر أجر شهرين وإن سكنها شهرا وسكن المالك شهرين ثم تركها فعلى المستأجر أجر عشرة أشهر ويحتمل أن يلزم المستأجر أجر جميع المدة وله على المالك أجر المثل لما سكن أو تصرف فيه بقسط ذلك مما على المستأجر من الاجر ويلزمه الباقي لأنه تصرف فيما ملكه المستأجر عليه بغير إذنه فأشبه ما لو تصرف في المبيع بعد قبض المشتري له وقبض الدار ههنا قام مقام قبض المنافع بدليل أنه يملك التصرف في المنافع بالسكنى والإجارة وغيرها، فعلى هذا لو كان أجر المثل الواجب على المالك بقدر المسمى في العقد لم يجب على المستأجر شئ وان فضلت منه فضلة لزم المالك أداؤها إلى المستأجر والأول أولى وهو ظاهر مذهب الشافعي، وان تصرف المالك قبل تسلم العين أو امتنع من تسليمها حتى أنقضت مدة الإجارة انفسخت الإجارة وجها واحدا لأن العاقد قد أتلف المعقود عليه قبل تسلميه فانفسخ العقد كما لو باعه طعاما فأتلفه قبل تسليمه، وان سلمها إليه في أثناء المدة انفسخت فيها مضى ويجب أجر الباقي بالحصة كالمبيع إذا سلم بعضه وأتلف بعضا
(٢٣)