فحديثنا أصح منه ورواهما أبو هريرة فيدل على ضعفه ماذا ثبت هذا فظاهر كلام الخرقي ان هذا الحريم مملوك لصاحب البئر، وعند الشافعي والقاضي ليس بمملوك وقد سبق ذكر هذا (فصل) ولا بد أن يكون البئر فيها ماء، وان لم يصل إلى الماء فهل كالمتحجر الشارع في الاحياء على ما قدمناه ويجب أن يحمل قوله في البئر العادية على البئر التي انطمت وذهب ماؤها فجدد حفرها وعمارتها أو انقطع ماؤها فاستخرجه ليكون ذلك احياء لها، وأما البئر التي لها ماء ينتفع به المسلمون فليس لأحد احتجاره ومنعه لأنه يكون بمنزلة المعادن الظاهرة التي يرتفق بها الناس وهكذا العيون النابعة ليس لأحد أن يختص بها، ولو حفر رجل بئرا للمسلمين ينتفعون بها أو لينتفع هو بها مدة اقامته عندها ثم يتركها لم يملكها وكان له الانتفاع بها فإذا تركها صارت للمسلمين كلهم كالمعادن الظاهرة وما دام مقيما عندها فهو أحق بها لأنه سابق إليها فهو كالمتحجر الشارع في الاحياء (فصل) وإذا كان لانسان شجرة في موات فله حريمها قدر ما تمد إليه أغصانها حواليها وفي النخلة مد جريدها لما روى أبو داود باسناده عن أبي سعيد قال اختصم إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حريم نخلة فأمر بجريدة من جرائدها فذرعت فكانت سبعة أذرع أو خمسة أذرع فقضى بذلك وان غرس شجرة في موات فهي له وحريمها وان سبق إلى شجر مباح كالزيتون والخروب فسقاه وأصلحه فهو أحق به كالمتحجر الشارع في الاحياء فإن طعمه ملكه بذلك وحريمه لأنه تهيأ للانتفاع به لما يراد منه فهو كسوق الماء إلى الأرض الموات ولقول النبي صلى الله عليه وسلم " من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به "
(١٨٢)