محرابه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه وهو قابض على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين وهو يقول: يا دنيا، ألي تعرضت أم إلى تشوقت؟
هيهات هيهات، لا حاجة لي فيك أبنتك ثلاثا لا رجعة لي عليك. ثم يقول: واه واه لعبد السفر، وقلة الزاد، وخشونة الطريق.
قال: فبكى معاوية وقال: حسبك يا ضرار كذلك كان والله على، رحم الله أبا الحسن. " (1) ورواه عنه في البحار وقال:
" البدور جمع البدرة. والسدول جمع السدل وهو الستر. وتململ: تقلب. والسليم:
من لدغته الحية. " (2) أقول: البدرة: المال الكثير - عشرة آلاف درهم.
25 - وفي نهج البلاغة قال: ومن خبر ضرار بن حمزة الضبابي عند دخوله على معاوية ومسألته له عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: فاشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وهو قائم في محرابه قابض على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ويقول: " يا دنيا يا دنيا، إليك عني، أبي تعرضت؟! أم إلى تشوقت؟ لا حان حينك، هيهات! غري غيري، لا حاجة لي فيك، قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها فعيشك قصير وخطرك يسير، وأملك حقير، آه من قلة الزاد وطول الطريق وبعد السفر وعظيم المورد. " (3) أقول: والظاهر اتحاد الخبرين وأحد الاسمين مصحف الآخر. والمذكور في تنقيح المقال ضرار بن ضمرة الضبابي، وكذا في نسخة قديمة مخطوطة من نهج البلاغة. وإن شئت تفصيل الخبر فراجع الشرح لابن أبي الحديد. (4)