من بيت المال حتى يبيع سيفه، ولا يكون له إلا قميص واحد في وقت الغسل لا يجد غيره. " (1) 23 - وفيه أيضا: " قال معاوية لضرار بن ضمرة: صف لي عليا. قال: كان والله صواما بالنهار قواما بالليل، يحب من اللباس أخشنه، ومن الطعام أجشبه، وكان يجلس فينا، و يبتدئ إذا سكتنا، ويجيب إذا سألنا، يقسم بالسوية ويعدل في الرعية، لا يخاف الضعيف من جوره، ولا يطمع القوى في ميله. والله لقد رأيته ليلة من الليالي وقد أسبل الظلام سدوله وغارت نجومه وهو يتململ في المحراب تململ السليم ويبكي بكاء الحزين، و لقد رأيته مسيلا للدموع على خده قابضا على لحيته يخاطب دنياه فيقول: يا دنيا أبي تشوقت ولي تعرضت؟! لا حان حينك، فقد أبنتك ثلاثا لا رجعة لي فيك، فعيشك قصير و خطرك يسير، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق. " (2) 24 - وفي أمالي الصدوق بسنده عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخل ضرار بن ضمرة النهشلي على معاوية بن أبي سفيان فقال له: صف لي عليا (عليه السلام) قال: أو تعفيني، فقال: لا، بل صفه لي.
قال ضرار: رحم الله عليا، كان والله فينا كأحدنا يدنينا إذ أتيناه ويجيبنا إذا سألناه و يقربنا إذا زرناه لا يغلق له دوننا باب ولا يحجبنا عنه حاجب، ونحن والله مع تقريبه لنا و قربه منا لا نكلمه لهيبته ولا نبتديه لعظمته، فإذا تبسم له ثغر مثل اللؤلؤ المنظوم.
فقال معاوية: زدني في صفته.
فقال ضرار: رحم الله عليا، كان والله طويل السهاد قليل الرقاد، يتلو كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار ويجود لله بمهجته ويبوء إليه بعبرته، لا تغلق له الستور ولا يدخر عنا البدور ولا يستلين الإتكاء ولا يستخشن الجفاء، ولو رأيته إذ مثل في