ولقد دخل موسى بن عمران ومعه أخوه هارون - عليهما السلام - على فرعون و عليهما مدارع الصوف وبأيديهما العصى، فشرطا له إن أسلم بقاء ملكه ودوام عزه، فقال:
" ألا تعجبون من هذين؟ يشرطان لي دوام العز وبقاء الملك وهما بما ترون من حال الفقر والذل، فهلا ألقي عليهما أساور من ذهب؟! " إعظاما للذهب وجمعه واحتقارا للصوف ولبسه.
ولو أراد الله - سبحانه - لأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن العقيان ومغارس الجنان، وأن يحشر معهم طير السماء ووحوش الأرض لفعل. ولو فعل لسقط البلاء، وبطل الجزاء واضمحلت الأنباء، ولما وجب للقابلين أجور المبتلين، ولا استحق المؤمنون ثواب المحسنين، ولا لزمت الأسماء معانيها، ولكن الله - سبحانه - جعل رسله أولي قوة في عزائمهم وضعفة فيما ترى الأعين من حالاتهم، مع قناعة تملأ القلوب و العيون غنى، وخصاصة تملأ الأبصار والأسماع أذى. " (1) 3 - وفي البحار عن أمالي الصدوق بسند صحيح، عن العيص بن القاسم، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): حديث يروى عن أبيك (عليه السلام) أنه قال: " ما شبع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من خبز بر قط. " أهو صحيح؟ فقال: " لا، ما أكل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خبز بر قط ولا شبع من خبز شعير قط. " (2) 4 - وفيه عن الأمالي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " كان فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عباءة و كانت مرفقته ادم حشوها ليف، فثنيت له ذات ليلة فلما أصبح قال: لقد منعني الفراش الليلة الصلاة. فأمر (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يجعل بطاق واحد. " (3) 5 - وفيه أيضا عن قرب الإسناد بسنده، عن جعفر، عن أبيه (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يورث دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا وليدة ولا شاة ولا بعيرا. ولقد قبض (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن درعه مرهونة عند يهودي من يهود المدينة بعشرين صاعا من شعير استلفها نفقة لأهله. " (4)