إلى اليمن فقال: يا على، لا تقاتلن أحدا حتى تدعوه إلى الإسلام، وأيم الله لأن يهدي الله - عز وجل - على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت... " (1) والالتزام بالدين أمر اختياري للبشر ولا إكراه في الدين، ولكن أكثر الناس بفطرتهم التي فطر الله الناس عليها متمايلون إلى دين الحق إذا عرض عليهم صحيحا. فلو وقفت أمام عرضه عليهم وطرحه لهم السلطات الكافرة أو الظالمة التي اتخذت مال الله دولا و عباده خولا، كما هو المشاهد غالبا في المجتمعات، وجب من باب اللطف قتالها ورفع شرها عن الأمم.
وقد قال الله - تعالى -: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله. " (2) وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها منعوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله - عز وجل -. " (3) وبالجملة، فالجهاد في الإسلام للدفاع عن التوحيد الذي هو حق الله على عباده و عن حقوق المستضعفين، لا السلطة على البلاد والعباد على ما هو دأب المستعمرين:
فعن أبي جعفر (عليه السلام) في بيان حدود الجهاد: " وأول ذلك الدعاء إلى طاعة الله من طاعة العباد، وإلى عبادة الله من عبادة العباد، وإلى ولاية الله من ولاية العباد... وليس الدعاء من طاعة عبد إلى طاعة عبد مثله. " (4) وكيف كان، فالواجب على الأمة الإسلامية بشعوبها إدامة خط النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعقيب أهدافه القيمة وأن يصرفوا جميع طاقاتهم وإمكاناتهم البدنية والمالية والسياسية و الثقافية في بسط التوحيد والعدالة ورفع الظلم والفساد والعمل على تحقيق شرائط ذلك وظروفه وتقوية المجاهدين في سبيل الله والمدافعين عن حقوق المستضعفين في جميع البلاد الإسلامية، قاصيها ودانيها، وإن اختلفوا في العنصر