والصبيان، فعللهم حتى أفرغ من الخبز.
فعمدت إلى الدقيق فعجنته وعمد على (عليه السلام) إلى اللحم فطبخه وجعل يلقم الصبيان من اللحم والتمر وغيره، فكلما ناول الصبيان من ذلك شيئا قال: يا بنى اجعل على بن أبي طالب في حل مما مر في أمرك. فلما اختمر العجين قالت: يا عبد الله، سجر التنور.
فبادر لسجره، فلما أشعله ولفح في وجهه جعل يقول: ذق يا على، هذا جزاء من ضيع الأرامل واليتامى.
فرأته امرأة تعرفه فقالت: ويحك، هذا أمير المؤمنين!
قال: فبادرت المرأة وهي تقول: وا حيائي منك يا أمير المؤمنين!
فقال: بل وا حيائي منك يا أمة الله فيما قصرت في أمرك! " (1) ورواه في البحار أيضا عن المناقب (2)، هذا.
ولا يخفى أنه في هذه الأعصار التي اتسعت فيها مجالات الحيات وكثرت الضعفاء و الزمني والأيتام ومن لا حيلة له، ويتصور أعمال يمكن أن يتصدى لها بعض هذه الصنوف فالواجب على الإمام وعماله تنظيم برامج واسعة لإحداث أشغال مناسبة لهذه الصنوف حتى لا يحسوا بالفقر والاحتياج ولا تحطم شخصياتهم مهما أمكن، ويتسع الأعمال والإنتاجات أيضا. فهذا أولى وأحوط لهم من التصدق عليهم مجانا الملازم غالبا لتحقيرهم وإحساسهم للحقارة والاحتياج.