" فسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا: الصوم والفطر مع الجماعة و عظم الناس. " (1) وهذه الروايات وإن ضعف أكثرها من جهة السند ولكن الوثوق والاطمينان بصدور بعضها مضافا إلى صحة البعض يكفي لإثبات أن أمر الهلال لم يكن أمرا فرديا بل كان من الأمور العامة التي كان الحاكم الإسلامي مصدرا لها وأمرا جماعيا كان الحاكم نظاما له.
والسيرة المستمرة أيضا شاهدة على ذلك فكان الحاكم في جميع الأعصار مرجعا للناس في صومهم وفطرهم، وكان أمير الحاج المنصوب من قبل الإمام يأمر بالوقوف و الإفاضة، والناس يتبعونه.
وقد عد الماوردي خمسة تكاليف لأمير الحاج فقال:
" أحدها: إشعار الناس بوقت إحرامهم والخروج إلى مشاعرهم ليكونوا له متبعين و بأفعاله مقتدين. " وذكر مثله أبو يعلى. (2) وكان أئمتنا المعصومون - عليهم السلام - وأصحابهم أيضا في مدة أكثر من مأتي سنة يحجون في جماعة الناس، ولم يعهد ولم ينقل تخلفهم عن الناس في الوقوف والإفاضة والنحر وسائر الأعمال، ولو كان لبان ونقله المؤرخون والأصحاب.
واحتمال اتفاقهم مع الناس ومع أمير الحاج في رؤية الهلال بأنفسهم في جميع هذه السنين بعيد جدا.
وبذلك يظهر اجتزاء العمل بحكم الحاكم من أهل الخلاف أيضا ولا أقل في صورة عدم العلم بالخلاف.
وقد مر سابقا أن الحج لم يكن بدون أمير الحاج المنصوب لذلك، المتبوع في جميع المواقف.
وقد عقد المسعودي في آخر مروج الذهب بابا لتسمية من حج بالناس من سنة