وإخراج ما لا يستحق من الأجنحة والأبنية، وله أن ينفرد بالنظر فيها وإن لم يحضره خصم. وقال أبو حنيفة: لا يجوز النظر فيها إلا بحضور خصم مستعد.
والتاسع: تصفح شهوده وأمنائه واختبار النائبين عنه من خلفائه في إقرارهم و التعويل عليهم مع ظهور السلامة والاستقامة وصرفهم والاستبدال بهم مع ظهور الجرح والخيانة.
والعاشر: التسوية في الحكم بين القوى والضعيف والعدل في القضاء بين المشروف و الشريف، ولا يتبع هواه في تقصير المحق أو ممايلة المبطل، قال الله - تعالى -: " يا داود، إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله. إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب. " (1) الخ. " (2) وذكر نحو ذلك أيضا أبو يعلى الفراء في الأحكام السلطانية، فراجع (3) أقول: فيظهر من ذلك أن عمل القاضي في تلك الأعصار لم يكن منحصرا في القضاء و فصل الخصومات فقط، بل كان هو المرجع أيضا في الأمور العامة الحسبية التي لا مناص عن إجرائها ولا يجوز إهمالها وليس لها مسؤول خاص. وربما يصير تصدي آحاد الناس لها ومباشرتهم لتنفيذها موجبا للتنازع والتشاجر. وكذلك المتعارف في أعصارنا أيضا كما تراه. ونحو ذلك إقامة الحدود والتعزيرات، بل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولعل المراد بلفظ الحاكم المعول إليه الأمور الحسبية العامة في كلمات فقهائنا في الأبواب المختلفة من الفقه أيضا هو الفقيه بما أنه منصوب للقضاء.
وهو المحتمل بل المظنون أيضا في قول الإمام الصادق (عليه السلام) في المقبولة: " فإني قد جعلته عليكم حاكما " بقرينة مورد السؤال، وقوله في مشهورة أبي خديجة: " فإني