هؤلاء المذكورين لم يقسم الله تعالى له ما سماه عند اجتماعهم في الميراث لاستحالة قسمة المحال والمعدوم الذي لا وجود له بحال من الأحوال، فنظرنا فإذا الأبوان قد سمى الله تعالى لهما فريضة ثم حطها إلى أخرى دونها فسمى لهما مع عدم الولد الثلث والثلثين والثلث وما يبقى ثم حطهما عن هذه الفريضة مع الولد إلى السدسين، فعلمنا أنهما لا يهبطان عن السدسين أبدا إذ لو كانت لهما درجة في الميراث يهبطان إليها ما اقتصر الله تعالى في ذلك على ما سماه ولبينه كما بين ما سواه وأهبطهما إليها بالتعيين لهما كما أهبطهما عن الدرجة العليا إلى ما ذكرناه فوجب أن يوفيهما أدنى سهم لهما مذكور في القرآن.
وكذلك وجدنا الزوج والزوجة قد أهبطا من درجة في الميراث إلى دونها، فأهبط الزوج من النصف إلى الربع وأهبطت الزوجة من الربع إلى الثمن فجريا مجرى الأبوين في بيان أقل سهامهما عند الله فلم يجز حطهما عن ذلك بحال، ووجدنا البنات غير مهبطات من درجة إلى درجة في التسمية والسهام فكان الأمر في فرضهن على الإكمال ووجب لهن بذلك الزيادة إن وجدت وعليهن النقصان في استيفاء أهل السهام ممن ذكرنا سهامهم بتفصيل القرآن، فوجب أن يبدأ فيما ذكرناه وعيناه من الفريضة بالأبوين فيعطيا السدسين، ويعطي الزوج الربع على الكمال، ويكون للبنتين أو البنات ما يبقى كائنا ما كان لأنه لو لم يكن معهن أبوان أخذن الثلاثة الأرباع مع الزوج وهو أكثر من المسمى لهن بلا ارتياب فيكون لهن الزيادة عند وجودها وعليهن النقصان مع أصحاب السهام ممن ذكرناه، وليس ينقص في هذه الفريضة عن حق لهن سمي في القرآن لأنه لم يفرض لهن على ما تضمنه الذكر في هذا المكان، وإنما فرض لهن في غيره وهو الموضع الذي يحصل لهن فيه على الكمال.
وإذا أراد الانسان أن يقسم فريضة من سميناه نظر أقل عدد له ربع صحيح وسدسان صحيحان فحسب منه السهام. ووفى صاحب الربع ربعه وصاحبي السدسين حقهما منه ودفع ما يبقى إلى من تأخر عنهما في التسمية لما بيناه وشرحناه فلا تنكسر عليه حينئذ سهام أبدا بالقسمة على حال، فإن انكسر عليه سهام المتأخرين جمعها في الأصل وضربها في العدد الذي استخرج منه السهام فصح له الحساب بلا ارتياب بغير كسر إن شاء الله.