في المواريث بطلان هذه الشبهة، وأن الله تعالى جعل للبنت الواحدة النصف بالإطلاق وعلى كل حال وللبنتين الثلثين على كل حال، وأن قوله تعالى: ولأبويه لكل واحد منهما السدس، كلام مبتدأ لا يتعلق بما تقدم، وقلنا أيضا: كيف يجوز أن يريد أن للواحدة النصف وللبنتين الثلثين مع الأبوين، وهو تعالى يقول: ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد، وأشبعنا ذلك واستوفيناه على أنهم لا يتمكنون من مثل هذا في امرأة خلفت زوجا وأخوين من أم وأختا من أب وأم، لأن هذه المسألة فيها نصف وهو حق الزوج، وثلث وهو حق الأخوين من الأم، ونصف وهو حق الأخت من الأب والأم، فلا بد من مذهب المخالف في العول ونقصان الجميع أو إفراد الأخت من الأب والأم بالنقصان، وليس لهم أن يقولوا إنما جعل للأخت النصف إذا انفردت، وذلك لأن الله تعالى شرط في استحقاقها هذا النصف نفي الولد، والظاهر يقتضي أنها تستحق ذلك مع فقد الولد على كل حال، وإنما نقول: إن الباقي هاهنا للأخت لدليل اقتضى العدول عن الظاهر فيجب أن يقولوا بمثل ذلك في ميراث البنت والبنتين مع الأبوين وفقدهما، وإنا إنما ندخل النقص على البنات مع دخولهن تحت الظاهر بدليل اقتضى ذلك.
فأما قول بعض أصحابنا محتجا على صحة ما ذهبنا إليه من إدخال النقص على البنات بأنه لو كان مكان البنت أو البنتين ابن أو بنون ما كان لهم إلا ما بقي، والبنت ليست بأحسن حالا من الابن، فيجب أن يكون لها ما بقي فليس بمعتمد، لأن الابن ليس من ذوي السهام المنصوص عليها في موضع من المواضع، وليس كذلك البنت والبنتان.
فأما دعوى المخالف أن أمير المؤمنين ص كان يذهب إلى العول في الفرائض، وأنهم يروون عنه ذلك، وأنه ع سئل وهو على المنبر عن بنتين وأبوين وزوجة، فقال ع بغير روية صار ثمنها تسعا فباطلة لأنا نروي عنه صلوات الله عليه خلاف العول ووسائطنا إليه النجوم الزاهرة من عترته كزين العابدين والباقر والصادق والكاظم صلوات الله عليهم، وهؤلاء ع أعرف بمذهب أبيهم صلوات الله عليه نقل خلاف ما نقلوه، وابن عباس رحمه الله ما تلقى إبطال العول في الفرائض إلا عنه عليه الصلوات.