أن أبا موسى الأشعري سئل عمن ترك بنتا وبنت ابن وأختا لأب وأم فقال: للبنت النصف وما بقي فللأخت، وبما رواه الأسود بن يزيد قال: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله ع فأعطى البنت النصف والأخت النصف ولم يورث العصبة شيئا.
فالجواب: إن ترك ظاهر القرآن لا يجوز بمثل هذه الأخبار لأن أول ما فيها أن الخبر المروي عن ابن عباس لم يروه أحد من أهل الحديث إلا من طريق ابن طاووس، ومع هذا فهو مختلف اللفظ فروي على ما تقدم، وروي: فلأولي عصبة قرب، وروي: فلأولي عصبة ذكر وروي: فلأولي رجل ذكر عصبته، واختلاف لفظه مع اتحاد طريقه دليل ضعفه، على أن مذهب ابن عباس في نفي التوريث بالعصبة مشهور وراوي الحديث إذا خالف كان قدحا في الحديث، والهذيل ابن شرحبيل مجهول ضعيف، ثم إن أبا موسى لم يسند ذلك إلى النبي ع وفتواه لا حجة فيها، ولا حجة أيضا في قضاء معاذ بذلك ولا في كونه على عهد رسول الله ما لم يثبت علمه ع به وإقراره عليه، وفي الخبر ما يبطل أن تكون الأخت أخذت بالتعصيب وهو قوله: ولم يورث العصبة شيئا، لأنها لو كانت هاهنا عصبة لقال ولم يورث باقي العصبة شيئا.
على أن هذه الأخبار لو سلمت من كل قدح لكانت معارضة بأخبار مثلها واردة من طرق المخالف مثل قوله ع: من ترك مالا فلأهله، وقول ابن عباس وجابر بن عبد الله: إن المال كله للبنت دون الأخت، وروى الأعمش مثل ذلك عن إبراهيم النخعي، وبه قضى عبد الله بن الزبير على حكاه الساجي والطبري، وما نختص نحن بروايته في إبطال التوريث بالعصبة كثير، وإذا تعارضت الأخبار سقطت ووجب الرجوع إلى ظاهر القرآن، على أن أخبارهم لو سلمت من المعارضة لكانت أخبار آحاد وقد دللنا على فساد العمل بها في الشرعيات.
على أنهم قد خالفوا لفظ الحديث عن ابن عباس فورثوا الأخت مع البنت وليس برجل ولا ذكر، وورثوها أيضا مع الأخ إذا كان مع البنت ولم يخصوا الأخ، وكذا لو كان مكان الأخ عم، وإذا جاز لهم تخصيصه بموضع دون موضع جاز لنا حمله على من ترك أختين لأم وأخا لأب مع أولاد أخوة لأب وأم أو ترك زوجة وأخا مع عمومة وعمات فإن ما يبقى بعد