الزوجة فكذلك في الأبوين، لأن الله سبحانه قد صرح في الابن والبنت بأن للذكر مثل حظ الأنثيين فوجب أن تكون القسمة بينهما على ذلك في كل حال ولم يصرح بأن للأب في حال الانفراد من الولد الثلثين وإنما أخذهما اتفاقا فافترق الأمران.
فإن كان مع الأبوين أخوان أو أربع أخوات أو أخ وأختان لأب أو لأب وأم أحرار مسلمون فالأم محجوبة عن الثلث إلى السدس بدليل الاجماع المشار إليه، وأيضا فلا خلاف في صحة الحجب بمن ذكرناه وليس كذلك الحجب بمن عداهم، وقوله تعالى: وإن كان له إخوة فلأمه السدس، وإن تناول ظاهره الإخوة من الأم فإنا نعدل عن الظاهر للدليل.
وللأبوين مع الولد السدسان بينهما بالسوية ولأحدهما السدس واحدا كان الولد أو أكثر ذكرا كان أو أنثى إلا إنه، إن كان ذكرا فله جميع الباقي بعد سهم الأبوين، وإن كان ذكرا وأنثى فللذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا كله بلا خلاف، وإن كان أنثى فلها النصف والباقي رد عليها وعلى الأبوين بدليل إجماع الطائفة وأيضا قوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، وإذا كانت البنت والأبوان أقرب إلى الميت وأولى برحمه من عصبته ومن المسلمين وبيت المال كانوا أحق بميراثه.
ويحتج على المخالف بما رووه من قوله ع المرأة تحوز ميراث ثلاثة: عتيقها ولقيطها وولدها، وهي لا تحوز جميعه إلا بالرد، وبما رووه من أنه ع جعل ميراث ولد الملاعنة لأمه ولذريتها من بعدها وظاهر ذلك أن جميعه لها ولا يكون لها ذلك إلا بالرد، وبما رووه عن سعد أنه قال للنبي ص: إن لي مالا كثيرا وليس يرثني إلا بنتي أ فأوصي بمالي كله؟ قال: لا، قال: فبالنصف؟ قال: لا، قال فبالثلث قال: الثلث والثلث كثير، فأقره ع على قوله " ليس يرثني إلا بنتي " ولم ينكر عليه، وروي الخبر بلفظ آخر وأنه قال: أ فأوصي بثلثي مالي والثلث لبنتي؟ قال: لا، قال: أ فأوصي بنصف مالي والنصف لبنتي؟ قال: لا، قال: أ فأوصي بثلث مالي والثلثان لبنتي؟ قال: الثلث والثلث كثير، وهذا يدل على أن البنت قد ترث الثلثين.
وقول المخالف: أن الله تعالى جعل للبنت الواحدة النصف فكيف تزاد عليه؟
لا حجة فيه لأنها تأخذ النصف بالتسمية وما زاد عليه بسبب آخر وهو الرد بالرحم