عنه، عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام، عن رجل عليه دين، أعليه أن يحج؟ قال: نعم، إن حجة الإسلام واجبة، على من أطاق (1) المشي من المسلمين، ولقد كان من حج مع النبي عليه السلام، أكثرهم مشاة، ولقد مر رسول الله صلى الله عليه وآله بكراع الغميم، فشكوا إليه الجهد والعياء (2) فقال: شدوا أزركم (3)، واستبطؤا (4) ففعلوا ذلك، فذهب عنهم (5) (6).
قال رحمه الله: فلا تنافي بين هذين الخبرين، والأخبار الأولة المتقدمة، لأن الوجه فيهما أحد شيئين، أحدهما أن يكونا محمولين على الاستحباب، لأن من أطاق المشي، مندوب إلى الحج، وإن لم يكن واجبا يستحق بتركه العقاب، ويكون إطلاق اسم الوجوب عليه على ضرب من التجوز مع إنا قد بينا أن ما هو مؤكد شديد الاستحباب، يجوز أن يقال فيه أنه واجب وإن لم يكن فرضا.
والوجه الثاني: أن يكونا محمولين على ضرب من التقية، لأن ذلك مذهب بعض العامة، ألا ترى أنه رحمه الله قد اعتمد على الأخبار الأولة، في وجوب الحج على من وجد الزاد والراحلة، ونفقة طريقه ذاهبا وجائيا، وما يخلفه نفقة من يجب عليه نفقته مدة سفره وغيبته، ولم يذكر فيها الرجوع إلى كفاية، إلا في خبر أبي الربيع الشامي، فإن فيه اشتباها، على غير الناقد المتأمل، بل عند تحقيقه ونقده، هو موافق لغيره من الأخبار التي اعتمد شيخنا عليها، لا تنافي بينها وبينه وذلك أنه قال أبو الربيع: سئل أبو عبد الله عليه السلام، عن قول الله عز وجل: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " فقال: ما يقول الناس في الاستطاعة؟ قال: فقيل له الزاد والراحلة، قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام: