من النداوة أصلا، وجب عليه إعادة الوضوء، من أوله.
وكذلك إن ذكر أنه لم يغسل ذراعيه، وجب أن يغسلهما، ثم يمسح برأسه ورجليه، وكل هذا ما لم يجف طهارة العضو المتقدم على المنسي كما أنه ذكر أنه لم يغسل ذراعيه وقد جفت طهارة وجهه، أو ذكر أنه لم يمسح رأسه وقد جفت طهارة ذراعيه، فمن كانت هذه حاله وجب أن يستأنف الوضوء من أوله.
ومن كان قائما في الماء وتوضأ، ثم أخرج رجليه من الماء ومسح عليهما، من غير أن يدخل يديه في الماء، فلا حرج عليه، لأنه ماسح بغير خلاف والظواهر من الآيات والأخبار متناولة له، ولنا في هذا مسألة طويلة فمن أرادها وقف عليها.
ومن عرض له - وهو في حال الوضوء لم يخرج عنه - شك في أنه ترك بعض أعضائه أو قدم مؤخرا أو أخر مقدما، وجب عليه أن يعيد الوضوء من أوله حتى يكون على يقين من كمال طهارته، إلا أن يكثر ذلك منه ويتواتر فلا يلتفت إليه، ويمضي فيما أخذ فيه.
فإن كان الشك العارض بعد فراغه وانصرافه من مغتسله وموضعه لم يحفل بالشك وألغاه، لأنه لم يخرج عن حال الطهارة إلا على يقين من كمالها، وليس ينقض الشك اليقين، اللهم إلا أن يتيقن ويذكر أنه أهمل شيئا أو قدم مؤخرا أو أخر مقدما فيكون الحكم على ما قدمناه.
وقد قال بعض أصحابنا في كتاب له، أنه ليس من العادة أن ينصرف الإنسان من حال الوضوء إلا بعد الفراغ من استيفائه على الكمال، وهذا غير واضح، إلا أنه رجع في آخر الباب ويقول: إن انصرف من حال الوضوء وقد شك في شئ من ذلك، لم يلتفت إليه ومضى على يقينه، وهذا القول أوضح وأبين في الاستدلال.
ومن تيقن الطهارة والحدث معا، ولم يعلم أيهما سبق صاحبه، وجب عليه الوضوء ليزول الشك ويحصل على يقين بالطهارة.