فإن أبى ذلك، كان للإمام أيضا نزعها من يده، وتقبيلها لمن يراه، على ما روي في بعض الأخبار (1) وعلى المتقبل بعد إخراجه مال القبالة، والمؤن، فيما يحصل في حصته، العشر، أو نصف العشر، بحسب الماء، إذا بلغ الأوساق الخمسة، وكان أيضا على الإمام في حصته الزكاة، إذا بلغت الأوساق الخمسة.
وقال شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في مقنعته في باب من الزيادات في الزكاة، أورد خبرا، قال: روى إسماعيل بن مهاجر، عن رجل من ثقيف، قال استعملني علي بن أبي طالب عليه السلام على بأنقياء وسواد من سواد الكوفة (2).
قال محمد بن إدريس رحمه الله: بأنقياء هي القادسية، وما والاها، وأعمالها وإنما سميت القادسية، بدعوة إبراهيم الخليل عليه السلام، لأنه قال: كوني مقدسة للقادسية، أي مطهرة من التقديس، وإنما سميت القادسية بأنقياء، لأن إبراهيم عليه السلام، اشتراها بمائة نعجة من غنمه، لأن " با " مائة و " نقيا " شاة، بلغة النبط، وقد ذكر بانقيا أعشى قيس في شعره، وفسره علماء اللغة، وواضعوا كتب الكوفة، من أهل السيرة، بما ذكرناه.
والبلاد على ضربين: بلاد الإسلام وبلاد الشرك. فبلاد الإسلام على ضربين: عامر، وغامر. فالعامر ملك لأهله، لا يجوز لأحد الشروع فيه، والتصرف إلا بإذن صاحبه، وروي عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وآله كتب لبلال بن الحرث المزني: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أقطع بلال بن الحرث المزني عن معادن القبلية، جلسيها وغوريها، وحيث ما يصلح للزرع (3) ولم يعطه حق مسلم، وجلسيها بالجيم، واللام بعده والسين، ما كان إلى ناحية نجد، وغوريها ما كان إلى ناحية الغور، قال كثير بن عبد الرحمن الخزاعي:
- لقد جئت غوري البلاد وجلسيها * وقد ضربتني شمسها وظلولها -