الأخبار، ولو وجد أخبار آحاد، فلا يلتفت إليها، ولا يعرج عليها، لأنها لا توجب علما ولا عملا، ولا يترك لها ظاهر القرآن، وإجماع أصحابنا، فإنهم عند تحقيق أقوال الفريقين، تجدهم متفقين على ما ذهبنا إليه، وأنا أدلك على ذلك، وذاك أنه لا خلاف بينهم، أن العبد إذا لحقه العتاق، قبل الوقوف بأحد الموقفين، فإن حجته مجزية عن حجة الإسلام، ويجب عليه النية للوجوب والحج، ولم يعتبر أحد منهم، هل هو ممن يرجع إلى كفاية أو صنعة، لأن العبد عندهم لا يملك شيئا فإذن لا مال له يرجع إليه، ولا أحد منهم اعتبر رجوعه إلى صناعة، في صحة حجه، وهذا منهم إجماع منعقد بغير خلاف.
وكذلك أيضا، من عرض عليه بعض إخوانه نفقة الحج، فإنه يجب عليه عند أكثر أصحابنا أيضا، ولم يعتبروا في وجوب الحج عليه رجوعه إلى كفاية، إما من المال، أو الصناعة والحرفة، بل أوجبوه عليه، بمجرد نفقة الحج، وعرضها عليه، وتمكنه منها فحسب.
وأيضا فقد ذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله، إلى ما ذهبنا إليه، في مسألة من مسائل خلافه (1) مضافا إلى استبصاره (2) فقال: مسألة، المستطيع ببدنه الذي يلزمه فعل الحج بنفسه، أن يكون قادرا على الكون على الراحلة، ولا يلحقه مشقة غير محتملة في الكون عليها، فإذا كانت هذه صورته، فلا يجب عليه فرض الحج، إلا بوجود الزاد والراحلة، فإن وجد أحدهما، لا يجب عليه فرض الحج، وإن كان مطيقا للمشي قادرا عليه، ثم قال في استدلاله على صحة ما صوره في المسألة، دليلنا إجماع الفرقة، ولا خلاف أن من اعتبرناه، يجب عليه الحج وليس على قول من خالف ذلك دليل، وأيضا قوله تعالى: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا "، والاستطاعة تتناول القدرة، وجميع