قد سئل أبو جعفر عن هذا، فقال: هلك الناس إذن، لئن كان من كان له زاد وراحلة قدر ما يقوت عياله، ويستغني به عن الناس، ينطلق، فيسلبهم إياه، لقد هلكوا إذن، فقيل له: فما السبيل، قال: فقال: السعة في المال إذا كان يحج ببعض، ويبقى ببعض لقوت عياله (1).
قال محمد بن إدريس رحمه الله: وليس في الخبر ما ينافي ما ذهبنا إليه، واخترناه، بل ما يلائمه ويعضده، وهو دليل لنا، لا علينا، بل نعم ما قال عليه السلام، لأنه قال: ما يقول الناس في الاستطاعة؟ قال: فقيل له: الزاد والراحلة، فقال أبو عبد الله عليه السلام: سئل أبو جعفر عليه السلام عن هذا فقال: هلك الناس إذن، لئن كان من كان له زاد وراحلة، قدر ما يقوت عياله، ويستغني به عن الناس، ينطلق، فيسلبهم إياه، لقد هلكوا إذن، ونحن نقول بما قال عليه السلام، ولا نوجب الحج على الواجد للزاد والراحلة فحسب، بل نقول ما قال عليه السلام، لما قيل له: فما السبيل، قال: فقال: السعة في المال، إذا كان يحج ببعض، ويبقي بعض، يقوت عياله وكذا نقول، وهذا مذهبنا الذي ذهبنا إليه، لأنه عليه السلام قال: السبيل، السعة في المال، ثم فسرها فقال: إذا كان يحج ببعض ويبقي بعض يقوت عياله، ولم يذكر في الخبر عليه السلام ويرجع إلى كفاية، إما من صناعة، أو مال، بل قال عليه السلام: يحج ببعض، ويبقى بعض يقوت عياله، وهو الصحيح، لأنا أوجبنا الحج، بأن يجد الزاد والراحلة، ونفقته، ذاهبا وجائيا، وما يخلفه نفقة من يجب عليه نفقته، من عياله، وكذلك قال عليه السلام: يحج ببعض، ويبقي بعض يقوت عياله، يعني نفقة عياله، فأما إن لم يبق ما يقوت عياله، مدة سفره، وغيبته، فلا يجب عليه الحج، وهل هذا الخبر فيه، ما ينافي ما قلناه، أو يرجع به عن ظاهر التنزيل، والمتواتر من