مأكولة اللحم، جلالة أو غير جلالة، تأكل الجيف أو لا تأكل الجيف.
فأما غير الطيور على ضربين: حيوان الحضر، وحيوان البر.
وحيوان الحضر على ضربين: مأكول اللحم، وغير مأكول اللحم. فمأكول اللحم سؤره طاهر مطهر. وغير مأكول اللحم فما أمكن التحرز منه سؤره نجس، وما لا يمكن التحرز منه فسؤره طاهر، فعلى هذا سؤر الهرة وإن شوهدت قد أكلت الفأرة، ثم شربت في الإناء، يكون بقية الماء الذي هو سؤرها طاهر، سواء غابت عن العين، أو لم تغب إلا أن يكون الدم مشاهدا في الماء، أو على جسمها، فينجس الماء لأجل الدم، وكذلك لا بأس بأسآر الفأر والحيات وجميع حشرات الأرض.
فأما سؤر حيوان البر فجميعه طاهر، سواء كان مأكول اللحم أو غير مأكول اللحم، سبعا كان أو غيره، من ذوات الأربع، مسخا كان أو غير مسخ، وحشرات الأرض إلا الكلب والخنزير فحسب، وما عداها فلا بأس بسؤره.
والسؤر: عبارة عما شرب منه الحيوان أو باشره بجسمه، من المياه وسائر المايعات.
وإذا كان مع الإنسان إناءان أو أكثر من ذلك، فوقع في واحد منهما نجاسة، ولم يعلمه بعينه، لم يستعمل شيئا منهما بحال بغير خلاف، ولا يجوز له التحري (1) والواجب عليه التيمم، ولا يجب عليه إهراقهما، وله إمساكهما، أما لخوف العطش، فإنه يجب عليه إمساكهما. فإن لم يخف العطش، فله إمساكهما، فإنه قادر على تطهير مائهما على بعض الوجوه.
فأما ما يوجد في بعض الكتب، من قوله: وجب عليه إهراق جميعه والتيمم للصلاة، فغير واضح، لأنه لا يجب عليه إهراق مائه النجس، بل له إمساكه على ما قررناه.
فإن قال قائل: إذا لم يهرقه كيف يجوز له التيمم مع وجود الماء؟ فلهذا قال المصنف يجب عليه إهراق الماء، بحيث يجوز له التيمم.