باب الاستيجار للحج، ومن يحج عن غيره من وجب عليه الحج، لا يجوز له أن يحج عن غيره، ولا تنعقد الإجارة إلا بعد أن يقضي حجه الذي وجب عليه، فإذا أتى به، جاز له بعد ذلك، أن يحج عن غيره، سواء وجبت عليه، واستقرت، أو وجبت، ولم تستقر، وكان متمكنا من المضي، ثم فرط، فأما إن وجبت عليه الحجة، ولم يفرط في المضي، ثم حدث ما يمنعه من المضي، ولم يتمكن منه، ثم لم يقدر على الحج، فيما بعده، ولا حصلت له شرائطه، فإنه يجوز له أن يحج عن غيره، لأنه لم تستقر في ذمته، فأما من استقرت حجة الإسلام في ذمته، بأن فرط فيها، فلا يجوز أن يحج عن غيره، سواء افتقر فيما بعد، أو لم يفتقر، تمكن من المضي، أو لم يتمكن. فأما من لم يجب عليه، ولم يتمكن من الحج، ولا حصلت له شرائطه، يجوز له أن يحج عن غيره، فإن تمكن بعد ذلك من المال، كان عليه أن يحج عن نفسه.
وينبغي لمن يحج عن غيره، أن يذكره في المواضع كلها باللفظ، مندوبا لا وجوبا، فيقول عند الإحرام: اللهم ما أصابني من تعب، أو نصب، أو لغوب، فأجر فلان بن فلان، وآجرني في نيابتي عنه. وكذلك يذكره عند التلبية، والطواف والسعي، والموقفين، وعند الذبح، وعند قضاء جميع المناسك، فإن لم يذكره في هذه المواضع باللفظ وكانت نيته الحج عنه، ونوى ذلك بقلبه، دون لسانه، فقد أجزأ ذلك.
ومن أمر غيره أن يحج عنه متمتعا، فليس له أن يحج عنه مفردا، ولا قارنا، فإن حج عنه كذلك، لم يجزأه، وكان عليه الإعادة، إن كانت الحجة المستأجر لها غير معينة بزمان، بل كانت الإجارة في الذمة غير مقيدة بزمان، فإن كانت مقيدة بزمان، انفسخت الإجارة، ووجب عليه رد جميع الأجرة، وكان المستأجر بالخيار، بين أن يستأجر هو أو غيره.