جمعة بشرائطها، وليست إلا هذه التي ذكرناها.
وحكم المرأة وحكم الرجل في هذا الباب سواء، ولا يصح اعتكافها في مسجد بيتها قال السيد المرتضى، في كتابه الإنتصار: ومما انفردت به الإمامية، القول بأن الاعتكاف لا ينعقد إلا في مسجد صلى فيه إمام عدل بالناس، الجمعة، وهي أربعة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد الكوفة، ومسجد البصرة، وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك. ثم ذكر أقاويلهم، ثم قال: وذهب حذيفة إلى أن الاعتكاف لا يصح، إلا في ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجد الرسول عليه السلام، ومسجد إبراهيم عليه السلام (1).
قال محمد بن إدريس رحمه الله: مسجد إبراهيم عليه السلام، هو مسجد الكوفة، ذكر ذلك في كتاب الكوفة.
والاعتكاف أصل في نفسه في الشرع، دون أن يكون له أصل يرد إليه، والاعتكاف على ضربين، واجب وندب، فالواجب ما أوجبه الإنسان على نفسه بالنذر، أو العهد، والمندوب هو ما يبتديه، من غير إيجاب على نفسه، فالمندوب لا يجب المضي فيه بعد الدخول، والتلبس به، بل أي وقت أراد المكلف الرجوع فيه، جاز له ذلك، ويكون الصوم له بنية الندب، دون نية الوجوب، لأن عندنا، العبادة المندوب إليها، لا تجب بالدخول فيها، بخلاف ما يذهب إليه أبو حنيفة، ما خلا الحج المندوب، فإنه يجب بالدخول فيه، وحمل باقي المندوبات عليه قياس، ونحن لا نقول به.
فأما الواجب، من قسمي الاعتكاف، فإنه على ضربين، مقيد نذره بزمان، وغير مقيد نذره بزمان، فالمقيد بزمان، إذا شرط ناذره العود فيه، إن عرض له ما يمنعه منه، وعرض ذلك، فله العود فيه والرجوع، ولا يجب عليه إتمامه، ولا قضاؤه، ولا كفارة عليه، لأن شرطه، لم يصادف صفته، فما حصل شرط النذر على صفته.