وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ولا يجوز لهما أن يقطعا التلبية، إلا بعد الزوال، من يوم عرفة (1). فإن أراد بقوله: لا يجوز، التأكيد على فعل الاستحباب، فنعم ما قال، وإن أراد ذلك على جهة التحريم، فغير واضح، لأن تجديد التلبية، وتكرارها، بعد التلفظ بها دفعة واحدة، وانعقاد الإحرام بها، غير واجب، أعني تكرارها، وإنما ذلك مستحب، مؤكد الاستحباب، دون الفرض والإيجاب، وليس عليهما هدي وجوبا، فإن ضحيا استحبابا، كان لهما فيه فضل جزيل، وليس ذلك بواجب.
باب المواقيت معرفة المواقيت واجبة، لأن الإحرام لا يجوز إلا منها، فلو أن إنسانا أحرم قبل ميقاته، كان إحرامه باطلا، اللهم إلا أن يكون قد نذر لله تعالى على نفسه، أن يحرم من موضع بعينه، فإنه يلزمه الوفاء به، حسب ما نذره، على ما روي في الأخبار (2) فمن عمل بها، ونذر الحج، أو العمرة المتمتع بها إلى الحج، فإنها حج أيضا، وداخلة فيه، فلا ينعقد إلا إذا وقع في أشهر الحج، فإن كان الموضع الذي نذر منه الإحرام، بينه وبين مكة، أكثر من مدة أشهر الحج، فلا ينعقد الإحرام بالحج أيضا، وإن كان منذورا، لأن الإجماع حاصل منعقد، على أنه لا ينعقد إحرام حج، ولا عمرة متمتع بها إلى الحج، إلا في أشهر الحج، فإذا وردت أخبار، بأنه إذا كان منذورا، انعقد قبل المواقيت، فإن العمل يصح بها، ويخص بذلك الإجماع، وأمكن العمل بها، فإن قيل: فإنها عام، قلنا: فالعموم قد يخص بالأدلة.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: والأظهر الذي يقتضيه الأدلة، وأصول