وقال شيخنا أبو جعفر، في مبسوطه: من بات عن منى ليلة، كان عليه دم شاة، على ما قدمناه، فإن بات عنها ليلتين كان عليه دمان، فإن بات ليلة الثالثة، لا يلزمه شئ، لأن له النفر في الأول، والنفر الأول يوم الثاني من أيام التشريق بلا خلاف، والنفر الثاني يوم الثالث من أيام التشريق، وقد روي في بعض الأخبار، (1) أن من بات ثلاث ليال عن منى، فعليه ثلاثة دماء (2) وذلك محمول على الاستحباب، أو على من لم ينفر في النفر الأول، حتى غابت الشمس، فإنه إذا غابت، ليس له أن ينفر، فإن نفر فعليه دم، والأول مذهبه في نهايته (3)، وهو الصحيح، لأن التخريج الذي خرجه، لا يستقيم له، وذلك أن من عليه كفارة لا يجوز له أن ينفر، في النفر الأول، بغير خلاف، فقوله رحمه الله: له أن ينفر في النفر الأول، غير مسلم، لأن عليه كفارة لأجل إخلاله بالمبيت ليلتين.
والأفضل أن لا يبرح الإنسان أيام التشريق من منى، طول نهاره، وإذا أراد أن يأتي مكة للطواف بالبيت تطوعا، جاز له ذلك، غير أن الأفضل ما قدمناه.
وإذا رجع الإنسان إلى منى، لرمي الجمار، كان عليه وجوبا، أن يرمي ثلاثة أيام، الثاني من النحر، والثالث، والرابع، كل يوم بإحدى وعشرين حصاة، ويكون ذلك عند الزوال، فإنه الأفضل، فإن رماها ما بين طلوع الشمس إلى غروب الشمس، لم يكن به بأس، وقال شيخنا في مسائل الخلاف: ولا يجوز الرمي أيام التشريق إلا بعد الزوال، وقد روي رخصة، قبل الزوال، في الأيام كلها (4)، وما ذكره في نهايته (5) ومبسوطه (6) هو الأظهر، الأصح، عند بعض أصحابنا، وما ذكره في مسائل خلافه، مذهب الشافعي، وأبي حنيفة.