ومتى كان سفره أربعة فراسخ، ولم يرد الرجوع فيه من يومه، لم يجز له الإفطار، ويجب عليه الصيام، وكذا يجب عليه إتمام الصلاة، وقد وردت رواية شاذة، بأنه يكون مخيرا بين إتمام الصلاة، وبين قصرها (1) وهو الذي أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي، في نهايته (2)، وذهب شيخنا المفيد، إلى التخيير في الصلاة والصيام، والأول هو المعتمد، وقد أشبعنا القول في هذا في كتاب الصلاة.
وإذا خرج الإنسان إلى السفر، بعد طلوع الفجر، أي وقت كان من النهار، وكان قد بيت نيته من الليل للسفر، وجب عليه الإفطار، بغير خلاف بين أصحابنا، وإن لم يكن قد بيت نيته من الليل للسفر، ثم خرج بعد طلوع الفجر، فقد اختلف قول أصحابنا في ذلك، فذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله إلى أنه يجب عليه إتمام ذلك اليوم، وليس عليه قضاؤه، فإن أفطر فيه، وجب عليه القضاء والكفارة، ويستدل بقوله تعالى: " ثم أتموا الصيام إلى الليل " (3).
والذي يقال في ذلك، أن هذا خطاب لمن يجب عليه الصيام، ومكلف به في جميع يومه، ويخرج المسافر من تلك الآية، قوله تعالى: " فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " (4) وأيضا فالحائض في وسط النهار، يجب عليها أن تعتقد أنها مفطرة، بغير خلاف، وخرجت من الآية، وما وجب عليها الإتمام، وكذلك من بيت نيته للسفر من الليل، هو قبل خروجه من منزله وقبل أن يغيب عنه أذان مصره، مخاطب بالصيام، مكلف به، لا يجوز له الإفطار، فإذا توارى عنه الأذان، يجب عليه الإفطار، وما وجب عليه التمام للصيام الذي كان واجبا عليه الإمساك والصيام قبل خروجه، وبالإجماع يجب عليه الإفطار، ولم يجب عليه الإتمام فقد خرج من عموم الآية المستدل بها،