فأما الرد عليهم بقوله تعالى: " وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به " (1) فليس بشئ يعتمد، لأنه ليس في الآية أن غير الماء المنزل يطهرنا فهذا عند محققي أصول الفقه أخفض رتبة من دليل الخطاب، لأن الحكم تعلق بذكر عين لا حكم صفة والنص عندهم إذا تناول عينا بحكم لم يدل على أن ما عداها من الأعيان مخالف لها في ذلك هذا على مذهب القائلين بدليل الخطاب وعلى مذهب المبطلين له وإنما اخترناه لدليل غير هذا وهو أن النجاسة معلومة في الثوب والبدن بيقين فلا يزال إلا بيقين وإذا أزيلت بالماء المطلق يحصل اليقين وأيضا فالماء المضاف لاقى نجاسة، فنجس بملاقاتها فصار هذا الفعل تكثيرا للنجاسة وليس كذلك إزالتها بالماء المطلق، لأن لورود الماء على النجاسة حكما وليس كذلك ورود المضاف فإن أضيف إلى الماء المطلق المطهر جسم طاهر تغير به أحد أوصافه فهو باق على حكم التطهير به، ما لم يسلبه إطلاق اسم الماء عنه، لأن التغير غير السلب، لأن السلب هو غلبة الأجزاء المخالطة للماء حتى تسلبه إطلاق اسم الماء عنه وتخرجه عن معنى المياه.
والنجس هو الماء القليل الذي خالطه شئ من النجاسة، غيره أو لم يغيره أو الكثير، أو الجاري الذي تخالطه النجاسة، وتغير بعض صفاته من لون أو طعم أو ريح.
وحد الماء القليل ما نقص عن مقدار كر. وحد الكثير ما بلغ كرا فصاعدا.
وحد الكر ما وزنه ألف ومائتا رطل بالرطل العراقي وهو البغدادي على الصحيح من المذهب لأن بعض أصحابنا يذهب إلى أنه بالمدني من جملتهم المرتضى رضي الله عنه هذا إذا كان الاعتبار بالوزن. فأما إذا كان الاعتبار بمساحة المحل فبأن يكون محله ثلاثة أشبار ونصفا طولا في مثلها عرضا في مثل عمقا على الصحيح من المذهب.
وذهب بعض أصحابنا وهم القميون: إلى أنه يكون محله ثلاثة أشبار في