وهما على ضربين: مفروض، ومسنون، فالمفروض منهما على ضربين، مطلق من غير سبب، وواجب عند سبب. فالمطلق من غير سبب، هو حجة الإسلام، وعمرة الإسلام.
وشرائط وجوبهما ثمانية: البلوغ، وكمال العقل، والحرية، والصحة، ووجود الزاد والراحلة، والرجوع إلى كفاية، إما من المال، أو الصناعة، أو الحرفة، وتخلية السرب من الموانع، وإمكان المسير.
قولهم: إمكان المسير، هو غير تخلية السرب، لأن السرب الطريق، بفتح السين، وإمكان المسير، يراد به، أنه وجد القدرة من المال في زمان لا يمكنه الوصول إلى مكة، لضيق الوقت، مثال ذلك، أن رجلا من بغداد، وهو فقير، استغنى، ووجد شرائط الحج، في أول ذي الحجة، أو كان قد بقي ليوم عرفة، ثلاثة أيام، أو أقل من ذلك، والطريق مخلى، أمين، فلا يجب عليه في هذه السنة الحج، لأنه لا يمكنه المسير بحيث يدرك الحج، وأوقاته، وأمكنته في هذه المدة، فإن وجد المال والشرائط، ومعه من الزمان ما يمكنه الوصول، وإدراك هذه المواضع في أوقاتها، فقد أمكنه المسير، فهذا معنى إمكان المسير.
ومتى اختل شئ من هذه الشرائط الثمان، سقط الوجوب، ولم يسقط الاستحباب، هذا على قول بعض أصحابنا، فإنهم مختلفون في ذلك، فبعض يذهب إلى أنه لا يجب إلا مع هذه الشرائط الثمانية (1) وبعض منهم، يقول: يجب الحج على كل حر، مسلم، بالغ، عاقل، متمكن من الثبوت على الراحلة، إذا زالت المخاوف والقواطع، ووجد من الزاد والراحلة ما ينهضه في طريقه، وما يخلفه لعياله من النفقة.
وعبارة أخرى لمن لا يراعي الثماني شرائط، بل يسقط الرجوع إلى كفاية، ويراعي سبع شرائط فحسب، قال: الحج يجب على كل حر، بالغ، كامل، العقل، صحيح الجسم، يتمكن من الاستمساك على الراحلة، مخلى السرب من الموانع، يمكنه المسير، واجد للزاد والراحلة، ولما يتركه من نفقة من تجب عليه