وإذا خرج الإنسان من مكة، فليتوجه إلى المدينة، لزيارة النبي عليه السلام استحبابا، لا إيجابا، على ما قدمناه، فإذا بلغ إلى المعرس، نزله، وصلى فيه ركعتين استحبابا، ليلا كان، أو نهارا، لأن المعرس مشتق من التعريس، والتعريس نزول القوم في السفر من آخر الليل، يقعون فيه، وقعة للاستراحة، ثم يرتحلون، والموضع معرس فالموضع نزله عليه السلام آخر الليل، واستراح فيه فسن فيه النزول اقتداء به عليه السلام، سواء كان وقت التعريس، أو لم يكن، فلأجل ذلك قالوا ليلا كان أو نهارا، يريدون به ذلك وإن لم يكن ذلك الوقت وقت التعريس، فإن جازه ونسي، رجع وصلى فيه، واضطجع قليلا.
وإذا انتهى إلى مسجد الغدير، دخله وصلى فيه ركعتين.
واعلم أن للمدينة حرما، مثل حرم مكة، وحده ما بين لابتيها، واللابة:
الحرة، والحرة: الحجارة السود، وهو من ظل عاير إلى ظل، وعير، ولا يعضد شجرها، ولا بأس أن يؤكل صيدها، إلا ما صيد بين الحرتين، هكذا أورده شيخنا في نهايته بهذه العبارة (1).
والأولى أن يقال: وحده من ظل عاير إلى ظل وعير، لا يعضد شجرها، ولا بأس أن يؤكل صيدها، إلا ما صيد بين الحرتين لأن الحرتين غير ظل عاير، وظل وعير، والحرتان، ما بين الظلين، لأنه قال لا يعضد الشجر فيما بين الظلين، ولا بأس أن يؤكل الصيد، إلا ما صيد بين الحرتين، فدل على أن الحرتين داخلتان في الظلين، وإلا كان يكون الكلام متناقضا، فلو كانت الحرتان هما حد حرم المدينة الأول، لما حل الصيد في شئ من حرم المدينة.
ويستحب لمن أراد دخول المدينة أن يغتسل، وكذلك إذا أراد دخول مسجد النبي عليه السلام، فإذا دخله، أتى قبر الرسول عليه السلام فزاره، فإذا فرغ من