ولهذا فإذا استمر بها الدم بعد العشرة الأيام، فالواجب عليها اعتباره بالصفات فإذا تميز لها فلترجع إليه، وتعمل عليه، وتكون لها بمنزلة العادة، وقد قدمنا حكمها وبيناه، فإن اشتبه عليها الدم وجاء لونا واحد ولم يتميز لها، فهي في هذه الحال حكمها حكم المبتدأة في الحال الرابعة حرفا فحرفا، وقد قدمنا الأحكام والأقوال فيها، والاختلاف مستوفى، فهذا خلاصة فقه الحائض ودقائق أحكامها، فإذا حصل فما بعده سهل يسير.
ومن لم تكن لها عادة، ورأت الدم اليوم واليومين، فلا يجوز لها ترك الصلاة والصيام، لأنها من تكليفها بالصلاة والصيام على يقين، وهي في شك من الحيض في هذين اليومين، فكيف يجوز لها أن تترك اليقين بالشك؟
وما يوجد في بعض الكتب من أن المرأة إذا رأت الدم اليوم أو اليومين تركت الصلاة والصيام، فإن استمر بها الدم اليوم الثالث فذلك دم حيض وإن لم يستمر بها الدم قضت الصلاة والصيام، وكذلك إذا انقطع الدم عنها بعد تمام عادتها، وقبل تجاوز العشرة يوجد في الكتب أنها تستظهر بيوم أو يومين في ترك الصلاة والصيام، فأخبار آحاد لا يعرج عليها، ولا يلتفت إليها، بلا الاستظهار لها في دينها وتكليفها وبراءة ذمتها، فعل الصلاة والصيام إلى أن يتبين أنها غير مكلفة بهما، فحينئذ يجب عليها تركهما لما أصلناه من أنها لا تترك اليقين بالشك، فليلحظ ذلك ويحقق، إلا أن يكون لها عادة مستقيمة مستمرة، فترى الدم في أولها يوما أو يومين، فالواجب عليها عند رؤية الدم ترك الصلاة والصيام، لأن العادة تجري مجرى اليقين، وكذلك الأغلب يجري مجرى المعلوم، فهذه بخلاف تلك في الحكم، لما بيناه ونبهنا على دليله ومفارقته لحكم غيره، أو ترى بعد العادة المستقيمة الصفرة أو الكدرة قبل خروج العشرة الأيام وبعد عادتها إذا كانت عادتها أقل من عشرة أيام فحينئذ يجب عليها ترك الصلاة والصيام، والاستظهار بيوم أو يومين أو ثلاثة، لأنها بحكم الحائض إلا أنها ترى