في كل وقت، بأن يكونا على صفة السيلان، بأن لا يرقيا في وقت من الأوقات، وهما الجراح الدامية، والقروح اللازمة، فلا بأس بالصلاة في الثوب والبدن إذا كانا على هذه الصفة، وهما فيهما كثرا أو قلا للمكلف الذي هما به فحسب، من غير اعتبار الدرهم وسعته، فإذا انقطع سيلانهما عمن هما به، اعتبر ما يعتبره غيره من سعة الدرهم، وأقل من ذلك، وعمل عليه على ما يأتي بيانه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
والدم التاسع ما عدا ما ذكرناه من الثمانية الأجناس، وهو دم سائر الحيوان، سواء كان مأكول اللحم أو غيره، نجس العين أو غير نجس العين.
وقد ذكر بعض أصحابنا المتأخرين من الأعاجم، وهو الراوندي المكنى بالقطب، إن دم الكلب والخنزير لا يجوز الصلاة في قليله ولا كثيره مثل دم الحيض، قال: لأنه دم نجس العين، وهذا خطأ عظيم، وزلل فاحش، لأن هذا هدم وخرق لإجماع أصحابنا.
فهذا الدم أعني التاسع من الدماء نجس، إلا أن الشارع عفى عن ثوب وبدن أصابه منها دون سعة الدرهم الوافي، وهو المضروب من درهم وثلث، وبعضهم يقولون دون قدر الدرهم البغلي، وهو منسوب إلى مدينة قديمة، يقال لها بغل، قريبة من بابل، بينها وبينها قريب من فرسخ، متصلة ببلدة الجامعين، تجد فيها الحفرة والغسالون دراهم واسعة، شاهدت درهما من تلك الدراهم، وهذا الدرهم أوسع من الدينار المضروب بمدينة السلام، المعتاد، تقرب سعته من سعة أخمص الراحة.
وقال بعض من عاصرته، ممن له علم بأخبار الناس والأنساب: إن المدينة والدراهم منسوبة إلى ابن أبي البغل، رجل من كبار أهل الكوفة اتخذ هذا الموضع قديما، وضرب هذا الدرهم الواسع، فنسب إليه الدرهم البغلي، وهذا غير صحيح، لأن الدراهم البغلية كانت في زمن الرسول عليه السلام قبل الكوفة، فما كانت سعته أعني سعة الدم في الثوب والبدن، سعة هذا الدرهم، لا وزنه