الثقة والديانة، ثم على هذا الشرط إلى أن يظهر إمام الزمان عليه السلام. وهذا القول عندي أوضح من جميع ما تقدم، لأن الخمس حق واجب، لغائب لم يرسم قبل غيبته رسما يجب الانتهاء إليه، فوجب حفظه عليه، إلى وقت إيابه، أو التمكن من إيصاله إليه، أو وجود من انتقل بالحق إليه، وجرى أيضا مجرى الزكاة التي يعدم عند حلولها مستحقها فلا يجب عند عدمه سقوطها، ولا يحل التصرف فيها، على حسب التصرف في الأملاك، ويجب حفظها بالنفس، والوصية بها إلى من يقوم بإيصالها إلى مستحقها، من أهل الزكاة من الأصناف وإن ذهب ذاهب إلى صنع ما وصفناه، في شطر الخمس الذي هو حق خالص للإمام عليه السلام، وجعل الشطر الآخر في يتامى آل الرسول عليهم السلام، وأبناء سبيلهم، ومساكينهم، على ما جاء في القرآن، لم تبعد أصابته الحق في ذلك، بل كان على صواب، وإنما اختلف أصحابنا في هذا الباب، لعدم ما يلجأ إليه فيه من صريح الألفاظ، وإنما عدم ذلك لموضع تغليظ المحنة، مع إقامة الدليل بمقتضى العقل والأثر، من. لزوم الأصول في حظر التصرف في غير المملوك، إلا بإذن المالك، وحفظ الودائع لأهلها ورد الحقوق (1) هذا آخر قول شيخنا المفيد رحمه الله في مقنعته.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: وهذا الشيخ المفيد جليل القدر، مقتدى بأقواله، وفتاويه، انتهت رياسة الشيعة الإمامية في عصره وزمانه إليه، على ما حكاه شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله عنه، وهو صاحب النظر الثاقب، والمناظرات في الإمامة، والمقالات المستخرجة التي لم تسبق إليها، فانظر أرشدك الله تعالى إلى قوله: " وإنما اختلف أصحابنا في هذا الباب لعدم ما يلجأ إليه فيه من صريح الألفاظ " فلو كان فيه نص صريح، وأخبار متواترة، ما جاز له أن