يقول ذلك. ثم قال: " وإنما عدم ذلك لموضع تغليظ المحنة، ثم قال: مع إقامة الدليل بمقتضى العقل والأثر من لزوم الأصول، في حظر التصرف في غير المملوك إلا بإذن المالك " مقصوده، أن الله تعالى لا يكلفنا شيئا إلا وينصب عليه الأدلة، وإلا يكون تكليفا لما لا يطاق، وتعالى الله عن ذلك، فلما عدمت النصوص، والخطاب من جهة الشارع، كان لنا أدلة العقول منارا وعلما، على المسألة، نهتدي بها إليها، على ما مضى شرحه في باب قسمة الغنائم والأخماس، فقد أشبعنا القول في ذلك، وحققناه وقلنا: إذا عدم أدلة الكتاب، والأخبار المتواترة، والإجماع في المسألة الشرعية، كان فرضنا وتكليفنا فيها، العمل بما يقتضيه العقل، لأنها تكون مبقاة عليه بغير خلاف من محصل، ولو اقتصر في المسألة على دليل الاحتياط، لكفى، فكيف والأدلة العقلية، والسمعية قائمة عليها؟
ثم قال الشيخ المفيد، في جواب المسائل التي سأله عنها محمد بن محمد بن الرملي وهي مشهورة: سؤال: وعن رجل وجد كنزا، ثم لم يجد من يستحق الخمس منه، ولا من يحمل إليه، ما يصنع به، وليس له في بلده الذي هو فيه، أهل يدفع إليه، ما يصنع به؟ جواب: يصرف نصف الخمس، ليتامى آل محمد عليهم السلام، ومساكينهم، وأبناء سبيلهم، ويجوز النصف الآخر، لولي الأمر عليه السلام، فإن أدركه، سلمه إليه، وإن لم يدركه، وصى به له، وجعله عند ثقة، يوصله إليه، فإن لم يجده الموصى إليه، وصى به إلى من جعله يقوم مقامه، في ذلك، وإذا لم يجد في بلده من يتامى آل محمد عليهم السلام، ومساكينهم، وأبناء سبيلهم، أحدا نفذه إلى بلد يكون فيه، ليصل إليهم منه، فانظر إلى فتوى هذا الشيخ رحمه الله.