الحركات الطبيعية ان الجسم الثقيل في سقوطه إلى أسفل لا ينتهى إلى حد من حدود المسافة الا ويصير ذلك الانتهاء سببا لاستعداده لان يتحرك منه إلى حد آخر والمؤثر في تلك حركه هو الثقل ولكن لولا الانتهاء للمتحرك بالحركة السابقة إلى ذلك الحد لاستحال وجود تلك حركه لأنه قبل اللانتهاء إلى ذلك امتنع ان يوجب الثقل تحريكه من هناك ولما تحرك إلى الحد المذكور صار بحيث يمكن له ان يحركه الثقل من ذلك الحد وقد كانت هذه حركه ممتنعة الصدور عن الثقل وكانت بعيده عن العلة ثم لما صارت ممكنه الصدور صارت قريبه وهذا القرب بعد البعد انما حصل بسبب حركه السابقة فهذا هو المعنى بقولهم حركه تقرب العلل إلى معلولاتها ومثاله من الحركات الإرادية من أراد ان يمشى في ليله ظلمانية بسبب ضوء سراج بيده فكلما وطئ بقدمه موضعا من الأرض يراه بنور ذلك السراج وقع النور على موضع بعده فيطاه وهكذا فالعلة المؤثرة لحصول الضوء في كل موضع من تلك المواضع هو نور السراج والعلة المعدة المقربة والمبعدة هي المشي وكذا من أراد ان يمضى إلى الحج فان تلك الإرادة الكلية تكون سببا أصلا لحدوث إرادات جزئيه مترتبة تكون كل واحده منها مقربا إلى الأخرى فإنه لا ينتهى إلى حد من حدود المسافة الا وانتهاؤه إلى ذلك الحد وسيله لان يحدث قصد آخر جزئي إلى أن يتحرك من ذلك الحد إلى الذي يليه والمؤثر في تلك المقاصد الجزئية المتتالية المؤثرة في الحركات المتوالية هو القصد الكلى وهو مقارن لجميع تلك الحوادث وإذا عرفت هذا عرفت ان للعلة المؤثرة معيه واحده مؤثره مع جميع خصوصيات الافراد المتجددة وهي ملاك العلية والايجاد ولتلك الخصوصيات هويات متقدمه ومتأخرة لذواتها مقتضيه للتقدم والتأخر لا بجعل وتأثير بل الجعل والتأثير في نفس هوياتها لا في جعل السابق منها سابقا واللاحق منها لاحقا فمنازل سقوط الجسم الثقيل في المثال الأول كقالب روحه الثقل وكذا انتقالات الضوء على وجه
(٣٩٥)