بالاتفاق انما هي بالاتفاق عند الجاهل بأسبابها وعللها واما بالقياس إلى مسبب الأسباب والأسباب المكتنفه بها فلم يكن شئ من الموجودات اتفاقا كما وقع في السنة الحكماء الأشياء كلها عند الأوائل واجبات فلو أحاط الانسان بجميع الأسباب والعلل حتى لم يشذ عن علمه شئ لم يكن شئ عنده موجودا بالاتفاق فان عثر حافر بئر على كنز فهو بالقياس إلى الجاهل بالأسباب التي ساقت الحافر إلى الكنز اتفاق واما بالقياس إلى من أحاط بالأسباب المؤديه اليه ليس بالاتفاق بل بالوجوب فقد ثبت ان الأسباب الاتفاقية حيث تكون تكون لأجل شئ الا انها أسباب فاعليه بالعرض والغايات غايات بالعرض وربما يتادى السبب الاتفاقي إلى غايته الذاتية كالحجر الحابط إذا شج ثم هبط إلى مهبطه الذي هو الغاية الذاتية وربما لا يتادى إلى غايته الذاتية بل اقتصر على الاتفاقي كالحجر الحابط إذا شج ووقف ففي الأول يسمى بالقياس إلى الغاية الطبيعية سببا ذاتيا وبالقياس إلى الغاية العرضية سببا اتفاقيا وفي الثاني يسمى بالقياس إلى الغاية الذاتية باطلا فإذا تحقق ما قدمناه فقد علم أن الاتفاق غاية عرضيه لامر طبيعي أو ارادى أو قسرى ينتهى إلى طبيعة أو اراده فيكون الطبيعة والإرادة اقدم من الاتفاق لذاتيهما فما لم يكن أولا أمور طبيعية أو اراديه لم يقع اتفاق فالأمور الطبيعية والاراديه متوجهه نحو غايات بالذات والاتفاق طار عليهما إذا قيس اليهما من حيث إن الامر الكائن في نفسه غير متوقع عنها إذ ليس دائما ولا اكثريا لكن يلزم ان يكون من شانها التاديه إلى ذلك لا دائما ولا اكثريا إذ لو لم يكن من شانها التاديه إليها أصلا لم يقل في ذلك الامر انه اتفق مثل كسوف الشمس عند قعود زيد فإنه لا يقال إن قعود زيد اتفق إن كان سببا لكسوف الشمس وإذا قيس إلى أسبابه المؤديه فيكون غاية ذاتية له طبيعية أو اراديه فظهر ان وجود العالم ليس على سبيل الاتفاق وإن كان للاتفاق مدخل بالقياس إلى بعض افرادها فما نسب إلى انباذقلس أو ذيمقراطيس كله باطل
(٢٥٦)