احمر الوجه وتهيجت الأعضاء وإذا تصورنا امرا مخوفا نظن وقوعه اصفر لون الوجه واضطرب البدن وان لم يكن ذلك المرجو أو المخوف داخلين في الوجود وكذا نشاهد (1) من كون الانسان متمكنا من العد وعلى جذع يلقى على الطريق ثم إذا كان موضوعا في الجسر وتحته هاوية لم يجترء ان يمشى عليه الا بالهويناء لأنه يتخيل في نفسه صوره السقوط تخيلا قويا فتطيع قوته المحركة لذلك التصور بحسب غريزتها من الطاعة والانقياد للتصورات ومن هذا القبيل الاحتلام في النوم.
الرابع ان المريض إذا استحكم توهمه للصحة فإنه ربما يصح وإذا استحكم توهم الصحيح للمرض فإنه يمرض ونفس صاحب العين العانية تؤثر من غير آله جسمانية ويحكى من حذاق الأطباء المعالجة بأمور نفسانية تصورية كما يحكى ان بعض الملوك اصابه فالج شديد وعلم الطبيب ان العلاج الجسماني لا ينجع فيه وترصد للخلوة حتى وجدها ثم اقبل على الملك بالشتم والفحش والكلمات الركيكة حتى اضطرب الملك اضطرابا شديدا فثارت حرارته الغريزية فيه واشتعلت فقويت على دفع المادة وما كان لها سبب سوى التصورات النفسانية فإذا ثبت هذا الأصل فيسهل عليك التصديق للنبوات فلا يستبعد ان يبلغ النفس إلى مبلغ في الشرف والقوة إلى حيث تبرئ المرضى وتمرض الأشرار وتقلب عنصرا إلى عنصر آخر حتى يجعل غير النار نارا ويحدث بدعائه أمطار وخصب تارة أو زلزله وخسف تارة وستعلم ان المادة للعناصر مشتركة فهي قابله لجميع الصور ونسبه النفوس الجزئية الضعيفة إلى مواد أبدانها كنسبة النفوس القوية الكلية إلى مواد أخرى كما يصير تصورات