واحد منهما في نفسه كيفية نفسانية وكونه فضيلة أو رذيلة انما هو (1) صفه عارضه له لا انها مقومه له فالفضيلة والرذيلة ليستا من الأجناس للفضائل والرذائل النفسانية ثم إن الشجاعة ليست ضدا لشئ من التهور والجبن لكونها واسطه بينهما واما الطرفان فلكونهما في غاية التباعد كانا متضادتين بل تضاد الشجاعة مع كل منهما تضاد بالعرض إذ الشجاعة ماهية لها عارض وهو كونها فضيلة وكل من التهور والجبن ماهية لها عارض هو كونها رذيلة والتضاد بالحقيقة بين العارضين وفي المعروضين بالعرض واما التضاد بين التهور والجبن فنوع آخر من التضاد غير ما يكون باعتبار الفضيلة والرذيلة ومن احكام التضاد على ما ذكرناه من اعتبار غاية التباعد ان ضد الواحد واحد لان الضد على هذا الاعتبار هو الذي يلزم من وجوده عدم الضد الاخر فإذا كان الشئ وحدانيا وله اضداد فاما ان يكون مخالفتها مع ذلك الشئ من جهة واحده أو من جهات كثيره فان كانت مخالفتها معه من جهة واحده فالمضاد لذلك الشئ بالحقيقة شئ واحد وضد واحد وقد فرض أضدادا وان كانت المخالفة بينها وبينه من جهات عديده فليس الشئ ذا حقيقة بسيطه بل هو كالانسان الذي يضاد الحار من حيث هو بارد ويضاد البارد من حيث هو حار ويضاد كثيرا من الأشياء لاشتماله على أضدادها فالتضاد الحقيقي انما هو بين الحرارة والبرودة والسواد والبياض ولكل واحد من الطرفين ضد واحد واما الحار والبارد فالتضاد بينهما بالعرض فالشيئان إذا كان بينهما تضاد حقيقي يكون بين محليهما بما هما محلاهما تضاد بالعرض فمن الضدين ما بينهما وسائط ومنهما ما لا وسائط بينهما سواء ا كان الوسط حقيقيا كما بين الحار والبارد من الفاتر أو غير حقيقي مرجعه الخلو عن جنس الطرفين كاللاخفيف واللاثقيل فان الفاتر لا يخرج من جنس الحرارة والبرودة بخلاف اللاخفيف واللاثقيل لخروجه عن جنس الخفة والثقل كالفلك
(١١٤)