من الموحدين وكل زمره لها نور نور النبوة ونور الولاية ونور الصدق ونور التقوى ونور العبادة ونور الستر ونور التوحيد فمنهم من نوره مد بصره ومنهم من نوره عند ابهام قدمه وهو آخرهم فليس النور بكثرة الأعمال انما النور بعظم نور الأعمال وانما يعظم نور العمل (1) على قدر ما في القلب من النور وانما يعظم نور القلب على قدر القربة فكل ذي نور نوره أقرب إلى الله تعالى فنوره أنور وأعظم وانفذ بصرا وأثقل وزنا فكم من رجل قل عمله هناك سبق إلى الجنة من أربى بعمله هناك أضعافا مضاعفة ألا ترى إلى قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمعاذ أخلص يكفك القليل من العمل فلا يصل العبد إلى الاخلاص الا بعظم النور وانما زكت أعمالهم ونمت بعظم النور ويحقق ما قلناه ان رجلا من هذه الأمة قد سبق من عمر الف سنه من الأولين ولذلك روى في الحديث يا حبذا نوم الأكياس وفطرهم كيف يغبنون سهر الحمقى وصيامهم ولمثقال حبه من خردل من صاحب تقوى ويقين أفضل عند الله سبحانه من أمثال الجبال من المغترين وقال أيضا فالصراط المستقيم طريق التوحيد وهو دين الحق الذي جميع الأنبياء والرسل ومتابعيهم عليه وجميع الأحوال السنية ومقامات السالكين في السير إلى الله تعالى وفي الله عز وجل راجعه إليه وعلم التوحيد أنفع العلوم وارفعها بل صفاوتها ونقاوتها وهو المقصد الأقصى والمطلب الاعلى وليس وراء عبادان قرية ولا مطمع في النجاة الا باقتنائه ولا فوز بالدرجات الا باجتنائه ولعلو مرتبته ورفعه منزلته انقلبت البصائر عنه كليلة والعقول عليله والنواظر حواسر إذ هو بحر وقف بساحله العقول وامتنع على الأرواح والقلوب إلى كنهه الوصول انتهى كلامه وقد أصاب فيما ذكره من أنه لا يمكن الوصول إلى عالم القرب وقطع الطريق إليه الا بعلم التوحيد فقط وغيره من العلوم (2)
(٢٨٨)