ومما يشير إلى أن صوره كل انسان في الآخرة نتيجة عمله وغاية فعله في الدنيا قوله تعالى في حق ابن نوح ع انه عمل غير صالح على قرائه فتح الميم وفي القرآن آيات كثيره داله على أن كل ما يلاقيه الانسان في الآخرة ويصل إليه من الجنة وما فيها من الحور والقصور والفواكه وغيرها والنار وما فيها من العقارب والحيات وغيرها ليست (1) الا غاية أفعاله وصوره أعماله وآثار ملكاته وانما الجزاء هناك بنفس العمل باعتبار ما ينتهى إليه كقوله تعالى ولا تجزون الا ما كنتم تعملون وقوله تعالى انما تجزون ما كنتم تعملون لم يقل مما كنتم تعملون تنبيها على هذا المعنى وقوله جزاء أعداء الله النار.
وتوضيح ذلك أن مواد الأشخاص الأخروية ومتعلقاتها وما يكون بمنزله البذور للأشجار والنطف للحيوانات والهيولي للعقليات انما هي التصورات الباطنية والتخيلات النفسانية والتأملات العقلية لان الدار الآخرة وكل ما فيها ليست من جنس هذه الدار وما فيها فما في الدنيا له مادة جسمانية تطرء عليها صوره أو نفس من خارج بإعانة أسباب خارجية وأوضاع وحركات فلكية ولأجسامها الحيوانية حياه عرضية وما في الآخرة من الجنات والأشجار والأنهار وغيرها أرواح هي بعينها صوره معلقة قائمه بذاتها حياتها نفس ذاتها وكل نفس انسانية مع ما يتعلق بها من الحور والقصور والأشجار والأنهار جميعها موجودة بوجود واحد وحية بحياة واحده والمجموع مع وحدته الشخصية متكثر الصور والانسان إذا انقطع عن الدنيا وتجرد عن لباس هذا الأدنى وكشف عن بصره هذا الغطاء كانت قوته الادراكية (2) قدره وعلمه غيبا وغيبه شهادة فيصير مبصرا