والأشاعرة أجابوا عن هذا بمنعهم لزوم الغرض في أفعال الله وقبح الخلو عنه ثم بمنع كون الغرض منحصرا في ايصال اللذة والألم ثم بمنع كون اللذة دفعا للألم ثم بمنع كون اللذات الأخروية كالدنيوية حتى يستلزم كونها أيضا دفع آلام كهذه.
وأجابت المعتزلة عنه بان الغرض (1) في المعاد نيل الجزاء وظهور صدق الأنبياء أقول قد عرفت الفرق بين الغرض والضروري وان للأفعال غايات طبيعية ولوازم ضرورية وان الموت هو الانتقال من هذه النشأة إلى نشأة أخرى فوقها وان اللذات الأخروية ومقابلها من الآلام هي مما كسبته أو اكتسبته أيدي النفوس اراده أو عاده فلحقته اللوازم والتبعات والله تعالى منزه عن حسن طاعة المطيعين وقبح سيئه المسيئين وليس فعل الله في عباده من إثابة أهل الثواب وعقوبة أهل العقاب يضاهي أفعال الملوك والسلاطين لأنهم ذوي اغراض وحاجات فينفعلون من أفعال أصدقائهم وأعدائهم فيكرمون صديقهم طلبا للكرامة وتخلصا من الدنائة وينتقمون من عدوهم تشفيا من الغيظ وانما يضاهي فعله تعالى فعل الطبيب في المرضى امر بالاحتماء وتناول الدواء ونهى عن ترك الاحتماء وفعل ما يزيد في الداء فمن أطاع امره خلص ونجا ومن تمرد هلك وهوى وهو فارغ من اطاعه المريض وتعصيه فكذلك النفوس في هذا العالم بمنزله المرضى والأرض دار المرض والأنبياء هم الأطباء المبعوثون من قبل الله فمنهم من أطاع ومنهم من عصى والله برئ من المشركين ورسوله وقل الحق من ربك فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ثم نقول لذات الآخرة وآلامها ليست من مقولة لذات الدنيا وآلامها حتى يكون لذاتها دفع الآلام كما في الدنيا فان هذه اللذات الدنيوية كلها انفعالات للنفس بما يرد عليها من الخارج ويؤثر فيها بخلاف اللذات الأخروية فإنها ابتهاجات للنفس (2) بذاتها وبلوازمها وأفعالها من حيث