المتوجهة إلى القول بالوجود الذهني واجماله ان الصور العلمية الجزئية من المحسوسات والمتخيلات قائمه بالنفس قيام الفعل بالفاعل وهي وجودات مثالية تنشأها النفس في المثال الأصغر الذي يسمى بالخيال المتصل بالنفس دون الخيال الأعظم المنفصل والصور الكلية هي العقول الكلية التي تنال النفس وجوداتها الخارجية وتضيف إليها الترديد وتجوز انطباقها على كثيرين لضعف الادراك كالانسان الضعيف البصر الذي يدرك شبح زيد مثلا ادراكا بصريا ضعيفا ثم يجوز انطباقه على زيد وعمرو وغيرهما وهذه العقول لما كانت أقوى وجودا من النفس لا يمكن القول بكونها معلوله للنفس قائمه بها قياما صدوريا بل النفس مظهر لها فهذا ما ذهب اليه ره ومن المعلوم انه مبنى على تجرد الصور العلمية والقول بالخيال المتصل والقول بالمثل العقلية وهو ره قائل بها جميعا.
ومن الممكن ان يوجه اليه الاشكال من وجهين.
الأول ان العلية والمعلولية والتجرد والمادية ونظائر ذلك من الشؤون المختصة بالوجود الخارجي الحقيقي والوجود الذهني العاري من الآثار المترتبة لا يقبل شيئا من ذلك لكونها آثارا حقيقية عينيه ويشهد به تصريحه ره في مبحث الجعل ان الجعل انما هو من شؤون الوجود الخارجي وكذا عده ره في أول المنهج الوجود الذهني مقابلا للوجود المجرد والمادي.
الثاني انه ره يصرح بان الوجود الذهني أضعف من الوجود الخارجي ويصرح أيضا بان المثال والعقل أقوى وجودا من الأمور المادية ولازمه التناقض في الصور العلمية الجزئية والكلية المنطبقة على الأنواع المادية وافرادها كصوره زيد المنطبق على زيد الخارجي وصوره الانسان المنطبق على افراده الخارجية فان الصورتين حيث كانتا من المثال والعقل فهما أقوى من مصداقهما وجودا وحيث كانتا موجودتين ذهنا فهما أضعف من مصداقهما فهما أقوى واضعف معا بالنسبة إلى المصداق وهو التناقض.
لكن الاشكالين ناشئان من قله التدبر في المقام والاخلال بجهات البحث ويندفعان بتوضيح هذه الجهات وتحرير مورد الكلام في الوجود الذهني بما يرتفع به اللبس.
فنقول ان الذي تثبته أدله الوجود الذهني هو ان هذه الأشياء الموجودة في الخارج موجوده بعينها بوجود آخر لا يترتب عليه آثارها الخارجية بعينها ونعني بالآثار كل ما يحمل عليه في الخارج من ذاتي أو عرضي حملا شائعا وذلك كزيد الموجود في ظرف العلم حيث إنه ليس بجوهر ولا جسم ولا نام ولا حيوان ولا ناطق وليس معه شئ من الكمالات الثانية التي لزيد الخارجي وهذا كما ترى وجود آخر للشئ غير وجوده الخارجي الذي هو بحسبه واجد لكمالاته الأولية والثانوية ويندفع به جميع الاشكالات التي مدارها على طلب آثار الماهية في وجودها الخارجي منها في وجودها الذهني فالذي تثبته أدله الوجود الذهني ان جميع الآثار الخارجية التي تتصف بها الماهية في وجودها الخارجي مسلوبة عن وجودها الذهني وهذا لا يدفع اتصاف الوجود الذهني