باحكام وجوديه أخرى تعم مطلق الوجود كالعلية والمعلولية والتشخص والتميز والتجرد ونحوها فان الحكم الناشئ من جهة القياس إلى شئ غير الحكم الناشئ من جهة نفس الشئ فللموجود الذهني جهتان حقيقيتان.
الأولى جهة كونه مقيسا إلى وجوده الخارجي وهو من هذه الجهة فاقد للآثار الخارجية التي له في الخارج وهذه هي حقيقة حكايته وليس له الا الحكاية عن ما ورائه فقط وهذا هو مورد البحث في الوجود الذهني.
والثانية جهة ثبوته في نفسه من غير قياسه إلى وجوده الخارجي بل من جهة ان هذا الحاكي امر ثابت مطارد للعدم وله من هذه الجهة آثار وجوديه مترتبة عليه ومن الممكن حينئذ ان يكون أقوى وجودا من محكيه الخارجي وهو من هذه الجهة وجود خارجي لا ذهني.
وهذه الجهة الثانية يمكن ان تنشعب بحسب البحث إلى جهتين أخريين إحداهما ان هذا الموجود المأخوذ في نفسه حيث كان موجودا لنا فهل هو كيفية نفسانية داخله تحت مقولة الكيف لصدق حده عليه وهو انه عرض لا يقبل قسمه ولا نسبه لذاته كما عليه معظم المشائين أو انه صوره كمالية حاصله لنا أعني انه صوره موجود مثالي أو عقلي اتحدت به نفوسنا اتحاد المدرك بالمدرك فتصورت بها نفوسنا تصور المادة بالصورة وسيتبين في محله ان الصورة والفصل غير داخلين تحت مقولة من المقولات الا بالعرض وهذا ظاهر ما نسب إلى إسكندر الافريدوسى أو انه صوره جوهرية لنفوسنا في الجواهر وصوره عرضيه وكمال ثان لها في المدركات التي من قبيل الاعراض وهذه الجهة هي التي يبحث عنها في مبحث العلم.
وثانيتهما ان معلوم هذا العلم وهو الخارج المكشوف عنه هل هو المصداق المادي مثلا والنفس تجرده عن العوارض المادية بعض التجريد كما في المدركات الجزئية أو تمام التجريد كما في الكليات كما هو المشهور أو انه موجود مثالي أو عقلي تام الوجود قائم بنفسه مجرد عن المادة في وجوده والنفس إذا اتصلت من طريق الحواس نوعا من الاتصال بالخارج المادي استعدت لان تشاهد هذا الموجود المثالي أو العقلي في عالمه فتتحد به اتحاد المدرك بالمدرك فتأخذ منه صوره لنفسها وهذا علم حضوري تجد به النفس عين هذا المعلوم الموجود في الخارج ويوجب الاتصال الذي بالمادة ان تطبقه النفس على المادة وتذعن انه هو المصداق المادي من غير ترتب الآثار عليه فيحصل من هذا التطبيق العلم الحصولي هذه هي جهات البحث فاحتفظ بها لئلا يختل باختلالها امر البراهين الموردة في الأبحاث المعقودة لها.
ويتبين من ذلك أمور أحدها ان المراد بالآثار المترتبة في باب الوجود الذهني أعم من الكمالات الأولية والثانوية.
وثانيها ان الوجود الذهني وجود قياسي بذاته يرتفع بارتفاع القياس وان هذا معنى حكايته عما ورائه.
وثالثها ان كل علم حصولي يكتنف بعلم حضوري معه ط