التشريع ويسمى بالنبي فإنه ينبئ عن بقائها ومضارها ومنافعها وعما به سعادتها وعما به شقاوتها ويكون في كل ذلك بالحق لان وجوده حقاني ولا يشغله الالتفات إليها من التوجه إلى الحق.
هذه هي الاسفار الأربعة فقد ظهر ان السفر الأول والثالث متقابلان لتعاكسهما في المبدء والمنتهى وكون الثالث بالحق دون الأول والثاني والرابع متقابلان بوجه لاختلافهما في المبدء والمنتهى واشتراكهما في كونهما بالحق.
والفلاسفة الشامخون والحكماء الراسخون ينظرون في الآفاق والأنفس فيرون آياته تعالى فيها ظاهره وراياته عنها باهره فيستدلون باثار قدرته على وجوب وجوده وذاته ويستشهدون بأنوار حكمته على تقدس أسمائه وصفاته فان وجود السماوات والأرض وامكانهما وحركاتهما دلائل أنيته واتقانهما وانتظامهما شواهد معرفته وربوبيته والى هذه الطريقة أشير في الكتاب المبين بقوله تعالى عز اسمه سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم انه الحق وعند ذلك تبين لهم انه الحق بحيث يرون كل وجود وكمال وجودا مستهلكا في وجوده وكمالات وجوده بل يرون كل وجود وكمال لمعه من لمعات نوره وجلوة من جلوات ظهوره وهذا هو السفر الأول من الاسفار الأربعة العقلية بإزاء ما لأهل السلوك من أهل الله وهو من الخلق إلى الحق.
ثم ينظرون إلى الوجود ويتأملون في نفس حقيقته فيتبين لهم انه الواجب بذاته ولذاته ويستدلون بوجوبه الذاتي على بساطته ووحدانيته وعلمه وقدرته وحياته وارادته وسمعه وبصره وكلامه وسائر أوصاف كماله ونعوت جماله وجلاله وعلى ان كلها عين ذاته فيظهر أحديته وبأحديته صمديته وبصمديته كل الأشياء بنحو أتم وأعلى وهذا هو السفر الثاني من الاسفار الأربعة العقلية بإزاء ما لأهل السلوك وهو من الحق إلى الحق بالحق.
ثم ينظرون في وجود وعنايته وأحديته فيكشف لهم وحدانية فعله وكيفية صدور الكثرة عنه تعالى وترتيبها حتى ينتظم سلاسل العقول والنفوس ويتأملون في عوالم الجبروت والملكوت أعلاها وأسفلها إلى أن ينتهى إلى عالم الملك والناسوت ا ولم يكف بربك انه على كل شئ شهيد وهذا هو السفر الثالث من الاسفار الأربعة العقلية بإزاء ما للسالكين وهو من الحق إلى الخلق بالحق.