ثم ينظرون في خلق السماوات والأرض ويعلمون رجوعها إلى الله ويعرفون مضارها ومنافعها وما به سعادتها وشقاوتها في الدنيا والآخرة فيعلمون معاشها ومعادها فينهون عن المفاسد ويأمرون بالمصالح وينظرون في امر الآخرة ويعلمون ما فيها من الجنة والنار والثواب والعقاب والصراط والحساب والميزان وتطاير الكتب وتجسم الاعمال وبالجملة كل ما جاء به الأنبياء واخبر به الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وهذا هو السفر الرابع من الأربعة العقلية بإزاء ما لأهل الله وهو من الخلق إلى الخلق بالحق.
والكتاب بما فيه من الأمور العامة والجواهر والاعراض كفيل السفر الأول وبما فيه من اثبات ذاته تعالى بذاته واثبات صفاته كفيل السفر الثاني وبما فيه من اثبات الجواهر القدسية والنفوس المجردة كفيل السفر الثالث وبما فيه من أحوال النفس وما لها في يوم القيامة كفيل السفر الرابع فقوله قدس سره واعلم أن للسلاك الخ إشارة إلى الاسفار المذكورة أولا وقوله فرتبت كتابي هذا إلى قوله في الاسفار العقلية إشارة إلى الاسفار المذكورة أخيرا التي يتكفلها الكتاب طبق أسفار السالكين والأولياء فان القوة النظرية والعلمية متكافئتان في الأنوار والآثار وبالأولى يحصل علم اليقين وبالثانية يحصل عين اليقين وحق اليقين هذا مما استفدت من ملاحظة كلمات القوم وتتبع مباحث الكتاب والله أعلم بالصواب هذا التحقيق للأسفار الأربعة وتطبيقها على مطالب الكتاب للحكيم الإلهي محمد رضا الاصفهاني القمشه قدس سره العزيز اعلم أن الانسان ما دام لم يشرع في سلوكه العلمي والنظري يشاهد الكثرة دائما ويغفل عن مشاهده الوحدة وكل شئ يشاهده يشاهد بصفة الكثرة والكثرة في نظره وشهوده مانعه عن شهود الوحدة والوحدة محتجبة عنده بالكثرة فإذا شرع في سلوكه العلمي من الآثار إلى المؤثر ومن الموجودات إلى الصانع تضمحل الكثرات عنده شيئا فشيئا إلى الوحدة الصرفة الحقه الحقيقية بحيث لا يشاهد الكثرة أصلا ويغفل عن مشاهده الكثرات والنظر إلى أعيان الموجودات بالمرة وحينئذ تصير الكثرة محتجبة بالوحدة ولا يشاهد الا الوحدة ويستغرق في مشاهدتها عن مشاهدتها ومنزله هذا المنزل في السلوك الحالي منزله السفر الأول للسالك العارف الذي أشار اليه في الكتاب وهو