ومنها ان جعل الامكان وقسيميه وأشباهها من المعاني العقلية انما يقطع لزوم السلاسل المتولدة إلى لا نهاية في الخارج وليس يحسم لزوم التسلسل في اعتبار العقل بحسب الملاحظة التفصيلية فان اتصاف الشئ بالامكان يلزم (1) ان يكون على سبيل اللزوم والا لزم جواز الانقلاب فيكون لامكان الشئ وجوب في العقل واتصافه بذلك الوجوب على سبيل الوجود وهكذا إلى غير النهاية على أن كون الاتصاف بالامكان على اي حال من عناصر العقود يوجب اللا نهاية أيضا.
والجواب ان التسلسل هاهنا بمعنى لا يقف لأنه حاصل من اعتمال الذهن من غير أن ينساق اليه الامر بحسب نفسه وينقطع بانقطاع اعتبار العقل.
وتحقيق هذا المقام ان كون الشئ معقولا منظورا فيه للعقل غير كونه آله للعاقل في تعقله إذ لا ينظر فيه بل انما ينظر به ما دام كونه كذلك مثلا إذا عقلنا الانسان مثلا بصوره في عقلنا ويكون معقولنا الانسان فنحن حينئذ لم ننظر في الصورة التي بها نعقل الانسان ولا نحكم عليها بحكم ولا نحكم عليها حين حكمنا على الانسان انه جوهر بكونه جوهرا أو عرضا ثم إذا نظرنا في تلك الصورة الحاصلة وجعلناها معقوله منظورا إليها وجدناها عرضا قائما بغيره وما وجد في كلام أهل التحقيق ان الصورة الحاصلة في العقل هي المعقولة بالذات لا ما خرج عن التصور عنوا بذلك انها في كونها معقوله لا تحتاج إلى صوره أخرى تكون هي آله ادراكها لا اننا إذا عقلنا ماهية الانسان وحكمنا عليه بكونه جوهرا حيوانيا جرميا يكون المنظور اليه هو الصورة العقلية التي من جمله الكيفيات النفسانية لان هذا بين الفساد فكذلك الامكان ومقابلاه كالآلة للقوة العاقلة بها يتعرف حال الماهيات بحسب نحو وجودها وكيف يعرض لها ولا ينظر في هذه الملاحظة إلى كون شئ من الثلاثة موجودا أو معدوما ممكنا أو واجبا أو ممتنعا.
ثم إن التفت العقل إلى شئ منها ونظر في نحو وجوده لم يكن هو بذلك الاعتبار امكانا لشئ ولا وجوبا ولا امتناعا له بل كان عرضا موجودا في محل هو