اللهم إلا أن يقال: إن مقتضى الجمع بينها، وبين الروايات الأخر، حمل عنوان غير القبلة على الدبر، وأن المراد من غير القبلة - ما لا يكون قبلة حكمية أو حقيقية - وعندئذ يتقوى الأمر بالإعادة، بالشهرة، وفهم الأصحاب - رضي الله عنهم - هذا، مع أن اشتمال بعضها على التقديم المذكور، لا يوجب سقوط ظهور الأمر في الآخر، كما هو ظاهر.
إلى هنا يظهر: أن الأصحاب المحققين - رضي الله عنهم - ما سلكوا سبيل الصحيح في المسألة، فإن الأخبار المحددة للقبلة هي مناط الصحة والفساد، ويدور الأمر حول مفادها، فعلى ما تحرر من ثبوت الإعادة في صورة الاستدبار، يساعده الأمور المختلفة المذكورة وأما القضاء، فهو حسب أدلة القضاء - بناء على إطلاقها - وهو مقتضى أخبار المسألة نفسها، وخارج عن بحث الخلل كما لا يخفى.
خلل القبلة في صورة الاجتهاد والتحري وانكشاف الخلاف بقيت المسألة السابقة وهي: أن الاخلال في صورة الاجتهاد، وبعد التحري وانكشاف الخلاف، لا يضر، إلا في صورة واحدة، وهي ما إذا صلى دبر القبلة، لا في سائر الصور، فقد اتفقوا على الإعادة في تلك الصورة (1)، واختلفوا فيما إذا لم يكن إلى دبر القبلة (2)، وقد مضى أن الصحة قوية،