توهم عدم خروج الإباحات والقرض ونحوهما من مفهوم الحصر وجوابه إن قلت: لم يخرج من عموم الحصر شئ حتى ينافيه، ضرورة أن المراد حصر مجوز أكل المال في التجارة على أن يكون ملكا للأكل، لا لغيره، فلا ينتقض بالإباحات، وأن موردها المعاملات المعاوضية، بقرينة قوله تعالى: (أموالكم بينكم) فغير المعاوضات - كالقرض والهبة - غير داخلة، ومن الأول تملك مجهول المالك، والتملك بالالتقاط.
قلت: أولا: جميع التجارات الفاسدة شرعا - لقيود اعتبرت فيها - خارجة عنها، لأن مفاد الحصر نفي التوسعة والتضييق، ولا معنى لدعوى الحصر مع إنكار الاطلاق، لأن حصر مجوز الأكل بالتجارة، يلازم عرفا كونها تمام الموضوع من غير دخالة قيد آخر، وإذا كانت المعاملات الغررية والغبنية خارجة، فهو ينافي الحصر كما لا يخفى، فتأمل.
وثانيا: التقييد المذكور يورث أن يكون الموضوع لجواز التصرف، الملك الحاصل من التجارة، مع أنه ليس كذلك، بل الملك تمام الموضوع لجواز الأكل.
مع أن التقييد مما لا يقتضيه الكلام، كما لا يقتضي التقيد بالمعاوضات، فإن القرض والهبة من الأسباب المملكة الصحيحة الحقة، ولا نظر في قوله تعالى: (أموالكم بينكم) إلى التبادل بالضرورة. مع أن الهبة المعوضة ليست من التجارة، فتدبر جيدا.