مدفوع لما بينهما من السببية، كما لا يخفى.
الثالث: في ضمان القيمة السوقية الأوصاف كلها مضمونة إذا كانت مقومة عند العرف، سواء كانت حقيقية، أو انتزاعية، أو اعتبارية، كعزة الوجود وكثرته. والاختلافات السوقية إن رجعت إلى الصفة الاعتبارية في العين، تكون مضمونة، وإذا كانت لتفاوت نفس السوق - بأن يكون بناء أهل سوق على الاجحاف في القيمة، وبناء الآخرين على الانصاف فيها، مع اتحاد الأعيان من جميع الجهات - فإنه حينئذ ليس الزائد مضمونا.
بل قد يتفق في بلد واحد ذلك الاختلاف المذكور، فكما أن الأزمنة دخيلة في اختلاف القيم، كذلك الأمكنة.
ولكن المدار على مكان تعين القيمة، فلو تلفت العين في مكان، وكانت القيمة مضمونة، فإن أوجب الشرع ردها بعد الضمان، تعين قيمة محل التلف، وإلا فيتعين قيمة محل تعين التكليف وقد عرفت وجهه في الزمان.
ولو اتفق مكان التكليف والتلف، واختلفت أسواقه في تعيين القيمة - مثلا اشترى المالك ماله من السوق الذي فيه قيمته خمسون، لأن الاشتراء منه له العنوان الخاص الراغبة فيه ضعاف العقول، وهو في السوق الآخر عشرون - فإنه لا يبعد ضمان ذلك الوصف أيضا، وللضامن إعطاء المثل مع رعاية الوصف المذكور.