كما لا يخفى.
أقول: تكثير الوجوه لا يوجب سقوط الظواهر، إلا إذا تردد الأمر، ولم يتمكن من تعيين ما هو الظاهر.
ولعمري، إن الآية ظاهرة في الاستثناء المنقطع، لأن الباطل بذاته ممنوع، وليس قابلا للامضاء، وجعل جملة (بالباطل) علة للنهي، خروج عن الظاهر، فإنها من متعلقات الفعل الناقص، ويكون المقصود طريق الباطل والسبب الساقط، فيصير ظاهر الآية النهي عن أكل الأموال بالوجوه الباطلة، إلا أن تكون الأموال من تجارة عن تراض، فالنصب على حذف كلمة الجار، وإذا كانت المعاطاة من التجارة، ولم تكن باطلة، تصير صحيحة ونافذة.
شبهات على الاستدلال بآية التجارة لا يمكن دفعها فمنها: ما مر منا (1)، وهو أن الآية ناظرة إلى اعتبار الرضا وطيب النفس في المعاملة، والنهي عن أكل الأموال بغير رضا صاحبها، ولا تكون ناظرة إلى تجويز جميع الأسباب غير الباطلة، وإلا لما كان وجه لذكر القيد في المستثنى مع عدم ذكر سائر القيود المعتبرة، فإنه يشهد على أن النظر إلى الرضا والتراضي، وأن الباطل وإن كان موضوعا للنهي، إلا أن التجارة عن تراض ليست موضوعا للتجويز.
فبالجملة: هي تفيد اعتبار التراضي في صحة الأكل والتصرفات،