استعراض لرواية أبي ولاد الحناط هذا هو قضية القواعد، ويقتضيه بعض المآثير، ويساعده الاعتبار والعرف، ولما كان في المسألة معتبر أبي ولاد الحناط المشتملة على فقرات ربما تومئ إلى خلافها، فلا بد من ذكرها مع طولها حتى يتبين مفادها:
ففي الكافي عنه قال: اكتريت بغلا إلى قصر ابن هبيرة ذاهبا وجائيا بكذا وكذا، وخرجت في طلب غريم لي، فلما صرت قرب قنطرة الكوفة، خبرت أن صاحبي توجه إلى النيل، فتوجهت نحو النيل، فلما أتيت النيل خبرت أن صاحبي توجه إلى بغداد، فاتبعته وظفرت به، وفرغت مما بيني وبينه، ورجعنا إلى الكوفة، وكان ذهابي ومجيئ خمسة عشر يوما، فأخبرت صاحب البغل بعذري، وأردت أن أتحلل منه لما صنعت وارضيه، فبذلت له خمسة عشر درهما، فأبى أن يقبل، فتراضينا بأبي حنيفة فأخبرته بالقصة وأخبره الرجل.
فقال لي: ما صنعت بالبغل؟
فقلت: قد دفعته إليه سليما.
قال: نعم، بعد خمسة عشر يوما.
قال: فما تريد من الرجل؟
فقال: أريد كراء بغلي، فقد حبسه علي خمسة عشر يوما.
فقال: ما أرى لك حقا، لأنه اكتراه إلى قصر ابن هبيرة، فخالف وركبه إلى النيل، وإلى بغداد، فضمن قيمة البغل، وسقط الكراء، فلما