أم أنه نسي قوله السابق: إن الإنسان إذا أراد أن يعيش اجتهاده لنفسه من خلال تحفظاته الذاتية، فعليه أن لا يبرز للمجتمع كمرجع في الفتوى، بل عليه أن يحتفظ بفتاويه واحتياطاته لنفسه؟
ومن الغريب أيضا أن ينبذ الاحتياط في معظم مسائل الفقه، - ومسائله الفقهية تشهد بذلك - ثم ينبري للاحتياط في الشهادة الثالثة لاحتمالات بعيدة لا يصح له الاعتداد بها بعد النظر إلى حكمه في مثيلاتها.
ولعل ما ذكرناه من التلميح يغني القارئ عن التصريح، فيما يرتبط بموقفه من أمرين: أحدهما يرتبط بعلي (ع)، والآخر - أعني التكتف وتعمد قول آمين في الصلاة - يرتبط بجهة تريد أن تكرس ما سوى خط ونهج علي (ع)!!. بعد أن حكم باستلزام ذكر الشهادة لأمير المؤمنين (ع) - في كل من الأذان والإقامة - لمفاسد كثيرة، والذي نتمناه هو أن لا يتوسل إلى المنع من قولها فيهما بالجبر والقهر.. وذلك إما عملا بالقاعدة التي استدل بها على حرمة التدخين، وكل مضر، واستنبطها من قوله تعالى: (وإثمهما أكبر من نفعهما) (2) حيث فسر الإثم بالضرر، من دون أن يكون لذلك شاهد من اللغة.. ولم يفسر النفع بالمثوبة مع عدم وجود مرجح لأحدهما على الآخر في نفسه، ومن حيث الاستعمال في اللغة العربية، وإما عملا بلزوم دفع المنكر والفساد على نحو التدرج في مراتب النهي عن المنكر، إلى أن تصل إلى حد القهر والغلبة مع إمكان ذلك.
وبعد، فإننا لا نريد أن نذكر هذا البعض بتعهداته بأن تكون جميع فتاويه تحظى بموافق لها من علماء الطائفة، فإن حكمه الاحتياطي باستحباب ترك الشهادة لعلي (ع) في الإقامة والأذان من دون قصد الجزئية كحكمه بطهارة كل إنسان، وأحكام له أخرى لم نجد له موافقا، لا من الأولين ولا من الآخرين، بعد تتبعنا الواسع فيما يرتبط بالشهادة الثالثة لما يزيد على رأي مائة عالم رضوان الله تعالى عليهم أجمعين..
فليته يذكر لنا عالما واحدا يعتد برأيه في هذه الطائفة، يقول: الأحوط استحبابا ترك الشهادة بالولاية في الإقامة وفي الأذان مع عدم قصد الجزئية!!