نعم: يمكن أن يقال: إنه إذا قصد الرشوة بالمعاملة المحاباتية يصدق عرفا أن العين الموهوبة مثلا رشوة فتكون حراما ولازمه بطلان المعاملة، وهذا هو الفارق بين المقام وبين مسألة الإعانة، وعليه لا بد أن يفصل بين المذكورات وبين البيع بثمن المثل بقصد الرشوة فيما إذا كان للقاضي غرض في المبيع ولو بعوض مثله.
(مسألة 23): لا تختص الرشوة بما يبذل للقاضي ليحكم له، بل تجري في غير الحكم أيضا، كما إذا بذل شيئا لحاكم العرف أو لظالم أو رئيس ليعينه على ظلم أو غيره من المعاصي، ونحو ذلك، فتكون حراما ولا تختص بالمحرم، بل قد لا تكون حراما، كما إذا بذل شيئا ليعينه على إحقاق حق أو دفع ظلم أو أمر مباح; ففي الصحيح «عن رجل يرشو الرجل على أن يتحول من منزله فيسكنه، قال: لا بأس» (1) والظاهر أن المراد المنزل المشترك كالمدرسة والمسجد والسوق ونحو ذلك.
(مسألة 24): لا يملك المرتشي الرشوة المحرمة التي ليست بعنوان العقود المحاباتية فيجب عليه ردها مع بقائها، وأما مع تلفها في يده أو إتلافه إياها فهل يضمن أو لا؟ صرح جماعة (2) بضمانه، بل عن بعضهم نفي الخلاف فيه (3) وعن ظاهر المسالك إجماعنا عليه (4).
ولعله لأن الراشي إنما بذل في مقابلة الحكم فيكون إعطاؤه بعنوان المعاوضة، ويدخل في قاعدة «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده».
لكن فيه أولا: أنه أخص من المدعى، إذ قد يكون لا بعنوان المعاوضة،